Quantcast
Channel: لقاءات حصرية
Viewing all 32 articles
Browse latest View live

عربيات في لقاء خاص مع رجل الأعمال السعودي الشيخ عبدالمحسن الحكير

$
0
0
إذا كنا نصدر السياحة للخارج فلماذا لانستوردها؟

عربيات في لقاء خاص مع رجل الأعمال السعودي الشيخ عبدالمحسن الحكير

حوار: رانية سلامة

عربيات - خاص: نظر إلى المملكة ورآها قارة كبيرة لكل مدينة من مدنها مقومات خاصة للجذب السياحي، فرسم على خارطتها استراتيجية يهدف من خلالها إلى تفعيل حركة السياحة الداخلية... وأدرك بأن السياحة أحد أهم روافد الاقتصاد فأراد أن يعكس مسارها لتتحول المملكة من تصديرها إلى استيرادها... وقد كان شعاراً يرافق مشاريع مجموعة الحكير وراء سعينا إلى إجراء لقاء مع رجلها الأول الشيخ/ عبدالمحسن الحكير... ذلك الشعار هو ( دعم السياحة الوطنية )، وهو الشعار الذي ندرك أن تطبيقه يعني الكثير في مرحلة تتطلب أن يضطلع القطاع الخاص بدور أكبر في دعم الاقتصاد الوطني وفي تبني برامج تهدف إلى خدمة المجتمع... وهو كذلك شعار ظل يحمله ضيفنا على عاتقه خلال فترات رئاسته لعدد من اللجان الوطنية والخليجية والعربية... في هذا الحوار تصحبكم (عربيات) في رحلة سياحية لأعماق رجل السياحة الشيخ عبدالمحسن الحكير لنتعرف على معالم رؤيته لقطاع السياحة، ومفهوم الترفيه العائلي، وقراءته الخاصة لعدد من التحولات الاجتماعية والاقتصادية بانعكاساتها المختلفة على حاضرنا ومستقبلنا .


الشيخ عبد المحسن الحكير، تعد من مؤسسي صناعة السياحة بالمملكة، فكيف كانت البداية؟ ولماذا وقع اختياركم على الاستثمار في هذا المجال؟
في الواقع نحن بالأساس تجار، إلا أننا اتجهنا إلى إنشاء أول مدينة ترفيهية في لبنان، ووجدنا بعد حوالي خمس سنوات من نجاح تلك التجربة أن الإقبال كبير جداً على المدينة الترفيهية من جانب السياح الخليجيين بشكل عام والسعوديين بشكل خاص... فكان هذا الإقبال مؤشراً على حاجة أبناء الوطن لمشروع مماثل، مما دفعنا إلى محاولة استصدار تراخيص لافتتاح مدينة ترفيهية بالرياض... ولكن بالطبع لم يكن من السهل الحصول على هذا النوع من التراخيص آنذاك ووجدنا أن غيرنا كذلك قد تقدموا بطلبات مماثلة إلا أنها ظلت قيد الدراسة... فرأى والدي يرحمه الله أننا نملك عناصر تدعم مطلبنا وتؤهلنا إلى أخذ زمام المبادرة... أولها، خبرتنا السابقة في إنشاء وإدارة هذا النوع من المشاريع... ثانيها، أننا لمسنا بالفعل حاجة المجتمع لها... وثالثها، أننا ندرك أن المملكة كانت تخطو خطوات جادة نحو التنمية والتأسيس لمشاريع جديدة ووضع اللوائح والأطر المناسبة لها، ومن هنا رأى الوالد يرحمه الله أنه لدعم هذه المجهودات والتعجيل بأن تتحول إلى واقع ملموس لابد من المبادرة بإقامة المشاريع والعمل على أن تكتسب ثقة المسؤولين... فسافرت مباشرة لشراء المعدات وأدخلناها بجمارك رسمية وقمنا بتركيبها وتشغيلها... إلى أن صادف أحد الأيام مرور الملك فيصل رحمه الله بأحد المواقع التي أقمنا عليها مشروع المدينة الترفيهية في الرياض فقام باستدعائنا وذهبت أنا ووالدي يرحمه الله إليه... وسألنا: ( من سمح لكم بإقامة هذا المشروع؟ )... أجاب والدي بأن أحداً لم يسمح لنا بذلك كما أن أحداً لم يمنعنا، وبدأ يوضح للملك وجهة نظره حتى قال لنا الملك فيصل طيب الله ثراه: ( هذه هي إرادة وعزيمة رجل الأعمال الحقيقي التي لايغلبها أحد... وقد حصلتم على ترخيصكم بعملكم، اذهبوا وبارك الله لكم في مشروعكم )... ومنذ ذلك الحين أسهمنا بوضع اللوائح المطلوبة لهذا النشاط الجديد وتوسعنا بإنشاء المدن الترفيهية والمشاريع السياحية في مختلف مناطق المملكة .

ضمن إطار خططكم التوسعية من الملاحظ أن مشاريع المجموعة السياحية والترفيهية لم تقتصر على المدن الرئيسية للمملكة، فهل هي محاولة لخلق مقومات سياحية في مختلف مدن المملكة لاستقطاب السياح، أو أن مشاريعكم تستهدف سكان المنطقة فقط؟
بالفعل نسعى إلى أن تغطي مشاريعنا السياحية والترفيهية جميع مناطق ومدن المملكة وهذا لأننا وجدنا في كل منها عناصر جذب سياحي ومميزات لم تستثمر بعد لاستقطاب الزوار من داخل أو خارج المملكة... ومن جهة أخرى نحن نستهدف بالتأكيد أهل المنطقة ونحرص على أن تتوفر خدماتنا لهم .

في أحد تصريحاتكم تحدثتم عن إمكانية توظيف السياحة لدمج شرائح المجتمع، فهل المقصود توحيد الفعاليات والبرامج الترفيهية والسياحية؟
لا، في الواقع لدي رؤية مختلفة، فأنا أرى المملكة قارة كبيرة... كل منطقة على خارطتها لها خصائصها ولها مايميزها عن المنطقة الأخرى، وكذلك في نفس المنطقة قد نجد مميزات مختلفة لكل من مدنها، بل أن المدينة الواحدة قد يختلف شمالها عن جنوبها وغربها عن شرقها... ومن هنا لابد من المحافظة على طابع كل منطقة، والتعامل مع هذا الطابع كعنصر جذب ترتكز عليه الفعاليات و المهرجانات والمشاريع الثقافية والسياحية والترفيهية... أما الهدف من ذلك فهو تفعيل لحركة السياحة الداخلية وتوسعة لنطاقها، بآلية ترى التنوع عنصر ثراء للمجتمع وتوظفه لتحقيق الاستفادة والاحتكاك والتعرف على التقاليد الأصيلة والحضارة العريقة والمنجزات المعاصرة لكل منطقة... وباستمرارية تكفل انتعاش السياحة الداخلية على مدار العام.

هل هذا يعني أن رؤيتكم ترمي إلى توظيف السياحة والبرامج الترفيهية لخلق نوع من الوحدة والتعايش الصحي بين فئات المجتمع؟ أو لعلها تكون على سبيل المثال الوجه الآخر لتجارب ناجحة في هذا الإطار مثل الحوار الوطني؟
في الواقع الوحدة قد حققها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه عندما وحد هذه المملكة المترامية الأطراف... والتعايش قد عرفناه طوال السنوات الماضية بين أبناء وطن واحد مترابط يختلف أفراده اختلاف صحي وطبيعي إلا أنهم يدينون بالولاء والحب والانتماء لهذا البلد... فنحن إذن لا نوحد، ولا نخلق التعايش من العدم... ولكننا نشعر أننا رجال الملك عبدالعزيز ومن هذا المنطلق نسعى إلى الحفاظ على رؤيته الوحدوية ونعمل على تحويلها إلى رسالة تنموية هي امتداد للماضي وأمان للحاضر وأساس لبناء المستقبل .

ماهو المطلوب أو المفقود لتحقيق هذه الرؤية؟
في صناعة السياحة تحديداً نحتاج إلى نقلة نوعية، وللتوطين لهذه النقلة نحتاج إلى دعم أمانات المدن والهيئة العليا للسياحة وكذلك وزارة الثقافة والإعلام... لأن تضافر الجهود بين هذه الجهات وتنسيقها مع المستثمر كفيل بأن يجعلنا نقدم مشاريع سياحية ناجحة لها أبعاد اجتماعية وثقافية هادفة .

لعل هذا ينقلنا إلى مفهوم التعليم من خلال الترفيه وهو من أحدث المفاهيم التعليمية والتربوية، فكيف وظفت مجموعة الحكير هذا المفهوم ضمن مشاريعها؟

افتتحنا سلسلة من المراكز العلمية الترفيهية، منها مركز ( عبقرينو ) الذي نقدم من خلاله فرص للاستكشاف البيئي والعلمي والمهني واكتساب المهارات في فنون الطهي والهندسة وعلوم الفلك والنجوم وغير ذلك، كما نقدم من خلاله العروض ثلاثية الأبعاد التي تصحب المشاهد في رحلة مثيرة بأعماق البحار أو فوق قمم الجبال... أما مركز( هابي فارم ) فينفرد بتقديم ألعاب مستمدة من البيئة الزراعية ليتعرف الزائر على منتجات وأدوات الزراعة والعناصر الجمالية في هذه البيئة، وعملياً يخرج بحصيلة من المعلومات مرفقة برسالة توعوية للحفاظ على البيئة التي استمتع بجمالها.

 

 

كذلك ضمن المبادرات الرائدة لمجموعتكم طرحتم مؤخراً برنامج لتنمية الإبداع ورعاية الموهوبين، فماهي الآلية التي يعتمد عليها هذا البرنامج؟
ثروتنا الحقيقية في هذا الوطن هي فئة الشباب التي تقدر بحوالي 60% من إجمالي سكان المملكة، ومن هنا اتجهت المجموعة إلى طرح عدد من برامج التدريب والتأهيل وافتتاح المراكز المتخصصة لها.... ثم أردنا من خلال هذا البرنامج أن تواكب المجموعة ومشاريعها المستقبل الذي تمثله هذه الفئة.... فقمنا بطرح دعوة مفتوحة للشباب تحت سن الثلاثين للانضمام لبرنامج يهدف إلى الكشف عن الطاقات الإبداعية ورعاية الموهوبين وتبني الأفكار المبتكرة وتطبيقها في مختلف المجالات.... كما أن نفس البرنامج يستهدف الاستفادة من ذوي الخبرة من المتقاعدين، لنستلهم الأفكار الخلاقة والجديدة من الشباب وندعمها بخبرة الكبار حتى تجد طريقها إلى أرض الواقع... فمشكلتنا الأساسية اليوم هي أننا لسنا كمن ابتكر مثل ألمانيا أو اليابان، ولسنا كمن طور مثل الدول الآسيوية... لذلك نحن بحاجة إلى أن نخرج بصيغة خاصة ومتوازنة تتوفر لها مقومات النجاح وتتميز بطابعها الوطني .

من خلال تجربتكم هل وجدتم أن استيعاب مفهوم السياحة والترفيه يتفاوت من مكان لآخر؟ أو أن بعض الآليات مقبولة في منطقة ومرفوضة في أخرى؟
الملاحظة البارزة والمخالفة للتوقعات هي أن المدن الصغيرة أو التي لم تعتد على هذا النوع من المشاريع كنا نجد لدى أبناءها تقبلاً أسرع وإقبالاً أكبر من المدن الرئيسية في المملكة، ربما لأن لدى الأهالي رغبة كبيرة وتعطش لوجود هذا النوع من المشاريع، كما نجدهم في الكثير من الأحيان يسعون معنا لتذليل أي عقبات تواجهنا لشدة حرصهم على استمرار المشروع .

بما أنكم قد تطرقتم للقبول الاجتماعي فالملاحظ أنه في السنوات الأخيرة قد ازدادت موجه الرفض والانتقادات لمفهوم (الترفيه العائلي) الذي تتبناه مجموعتكم، فماهو تفسيركم لذلك؟

علينا أن ندرك أن المجتمعات في كل حقبة تشهد تحولات في مختلف مناحي الحياة ونحن اليوم نعيش نموذجاً لهذه التحولات... فبالنسبة للانتقادات على تخصيص مشاريعنا السياحية والترفيهية للعائلة، أرى بالفعل أنها موجه قد ازدادت حدتها في الثلاث عقود الأخيرة... وهذا يكشف - مع الأسف - عن أننا قد ارتقينا مادياً وتراجعنا اجتماعياً، حيث بتنا نفتقد إلى الشيء الكثير من الوعي الاجتماعي الكفيل باستيعابنا لواقعنا وطبيعتنا ومتطلباتنا المعاصرة، بل ونفتقد في الكثير من الأحيان إلى موضوعيتنا في القياس والحكم على الأمور... فالترفيه والمناسبات والفعاليات والمهرجانات لو نظرنا إليها نظرة تاريخية سنجد أنها في واقع الأمر كانت موجودة على مر التاريخ كجزء لايتجزأ من عاداتنا وتقاليدنا وحياتنا في مختلف مناطق المملكة، وكان يشترك فيها الرجال والنساء والصغار والكبار على حد سواء لإدخال البهجة إلى نفوس الجميع... وأدلل على ذلك بمناسبة قطف الثمار في نجد وهي أعظم من المهرجانات التي نراها اليوم لأن الجميع كان يحتشد لاحياها من النساء والرجال، كذلك كان مهرجان أيام الحصاد في الجنوب وغيرها من الاحتفاليات الكبيرة التي كان المجتمع أكثر انفتاحاً وإقبالا عليها... وعلينا أن نتسائل لماذا توقفت؟ ولماذا تغيرنا؟ .

ارتقينا مادياً وتراجعنا اجتماعيا


5% فقط من المجتمع ترفض مفهوم الترفيه العائلي... ولكن!!


أستهدف في مشاريعي الأسرة ويحق لغيري أن يقدم مشاريع تستهدف فئة أخرى



دعني أوجه لكم نفس السؤال، لماذا توقفت؟ ولماذا تغيرنا؟
في الحقيقة لا أدري، ولكن يبدو أن عنصر الخوف بات يحكمنا وسوء الظن يغلبنا في الكثير من الأحيان حتى أصبح هناك من يخشى من أن تتقاسم الأسرة بجميع أفرادها لحظات الفرح والسعادة والاستفادة في مكان واحد... أنا شخصياً مشاريعي تستهدف الأسرة ولايمكنني أن أقدم مشروع ترفيهي وأحرم الأسرة التي تتكون من رجل وامرأة وأطفال من حق أن يشتركوا معاً في الاستمتاع به والاستفادة منه، خاصة وأنه لايوجد مايخالف الشرع ولامايخالف عاداتنا وتقاليدنا التي تقر ذلك... وكما أسلفت يحفل ماضينا بفعاليات من هذا النوع كان كل من أطرافها يمارس حقه خلالها محترماً حق وخصوصية الآخرين، فإذا ظهرت اليوم ممارسات دخيلة يرتكبها البعض في هذه البيئة الصحية، لابد أن ننتقد من يرتكبها ونعمل على تقويمه لا أن نبحث عن حرمان الأسوياء من مشاريع أنشئت لخدمتهم .

كيف واجهتم هذه الموجة من الانتقادات والمطالب بفصل الرجال عن النساء في منشئاتكم الترفيهية والسياحية؟
واجهناها بشكل عملي فعندما بدأنا نلاحظ وجود بعض الاعتراضات والانتقادات التي تصل إلينا أو إلى المسؤولين شعرنا بشيء من المفاجأة وتسائلنا: إذا كان المجتمع رافضاً لمشاريعنا الترفيهية والسياحية فمن هو الجمهور العريض الذي يرتادها طوال هذه السنوات؟.... لم نتجاهل الشكاوى ولم نستجب للمطالب دون تفكير بل اتجهنا إلى استطلاع الآراء وخرجنا بنتيجة مفادها أن السواد الأعظم من مجتمعنا يشعر بالرضا عن الخدمات التي نقدمها وعن آلية تقديمها، بينما 5% فقط ترفض الآلية أو فكرة تخصيصها للعوائل.... إلا أنه ثمة فارق هام بين الفئتين، فالفئة الأولى لاتبادر بالتعبير عن رضاءها ولاتعرب على شكرها أو تقديرها أو تسعى إلى إيصال رؤيتها، بل تكتفي بالاستمتاع والاستفادة وتنتظر أن تسألها لتعطيك رأيها... أما الفئة الثانية التي تنتقد فتحرص على تسجيل رأيها ونشره بين أفراد المجتمع وإيصاله للمسؤولين... واكتشفنا كذلك أن هذه النسبة الضئيلة من المنتقدين لديهم إصرار على الانتصار لمطالبهم، وإن كلف الأمر أن يقوم الشخص الواحد منهم بكتابة ألف رسالة اعتراض بألف اسم مختلق لأشخاص لاوجود لهم... ونتيجة هذه الدراسة المسحية التي أجريناها لاتستفيد منها مجموعة الحكير فقط، فهي قد كشفت عن عادة أو ثقافة جميلة كنا نتحلى بها ويبدو أننا فقدناها وهي ( ثقافة التقدير )، كما كشفت عن مشكلة نعيشها ويجب أن نتداركها حتى لا نخطئ في عملية قياس الرأي التي نبني عليها قراراتنا.... فلابد من أن نعمل على معرفة مختلف الآراء بشتى الوسائل المتاحة وأن يعلم كل فرد أنه من واجبه أن يسجل شكره وتقديره كما يمارس حقه بالنقد والاعتراض .

هل فكرتم بخوض تجربة تخصيص ( بعض ) منشئاتكم فقط للنساء والأطفال استجابة لهذه المطالب ؟
لا، لأن لكل مستثمر شريحة مستهدفة وأنا أستهدف الأسرة في مشاريعي ولا أجبر من لايناسبه ذلك على الاستفادة منها... لابأس من أن تكون الخيارات متعددة، فأنا أوفر مشاريع سياحية وترفيهية للعوائل وآخر يوفرها للرجال فقط وغيرنا يوفرها للنساء فقط ولنترك الحرية للمستثمر وللزائر دون أن نفرض خيار واحد فقط على الجميع .

قريباً،، نصف وظائف الحكير للنساء

بما أن المرأة أحد عناصر شريحتكم المستهدفة فكيف يثمن الشيخ عبدالمحسن دورها في الأسرة والمجتمع والعمل اليوم؟
أؤمن بأن المرأة هي التي تقود الأسرة والمجتمع لأنها بمشاركتها الفاعلة تدعم الرجل وتقوم على تربية الأبناء... وقد حققت المرأة السعودية انجازات عديدة استحقت على ضوءها أن تنال الثقة في كافة المجالات... لذلك تعمل المجموعة ضمن مشاريعها على تخصيص مساحة أكبر للمرأة كعنصر عامل أو مستفيد من خدماتنا .

المرأة السعودية كعنصر عامل في مشاريع الحكير لاتبدو أمنية، حيث يلاحظ الزائر لمنشئاتكم أن عدد من الوظائف تشغلها النساء فماهو تقييمكم لهذه التجربة؟
أعتقد أن تجربة توظيف المرأة في مشاريعنا الترفيهية والسياحية ناجحة بكل المقاييس خاصة وأننا قد قمنا بتطبيقها بشكل مدروس وفقاً لمتطلبات العمل وكفاءة المرأة في إدارة كل مايتعلق بالطفل، لذلك أسعى الآن إلى افتتاح ثلاث معاهد تدريبية للنساء... ونهدف كذلك من ضمن خططنا المستقبلية إلى أن يكون نصف الموظفين في مشاريعنا من النساء .

هل من شروط معينة تضعونها لتوظيف النساء؟
لاشيء يختلف عن الشروط التي نفرضها على الرجل سوى الالتزام شكلاً ومضموناً، والمواظبة... فلم نواجه أي مشاكل مع مسألة التزام المرأة السعودية العاملة لأنها بطبيعتها ملتزمة، أما المواظبة فلابد أن أشيد بتجربتنا مع الموظفات في الأحساء وجازان حيث حققن أعلى درجات في المواظبة والجدية في العمل وكن ولازلن نموذجاً يحتذى به ومحفزاً لنا للمضي قدماً في توظيف النساء .


أشرتم في معرض حديثكم إلى المهرجانات الشعبية القديمة، فما هو تقيمكم للمهرجانات المعاصرة التي تقام في عدد من مدن المملكة؟
إقامة المهرجانات تعد خطوة بحد ذاتها جيدة وضرورية، ولكني أراها إلى الآن اجتهاد متواضع لا يوازي حجم المملكة... خاصة وأننا لدينا مناسبات عديدة يجب أن يستفاد منها بتحويلها لمهرجانات للجذب السياحي والثقافي والمعنوي.

هل من أمثلة على هذه المناسبات؟
نعم، في الطائف على سبيل المثال بوسعنا إقامة مهرجان سنوي للزهور مدته أسبوعين فقط من كل عام يرى خلالها الزائر صورة خلابة من أجمل إبداعات الخالق ولايضاهيها مثيل في جميع دول العالم... وفي المناطق الزراعية مثل القصيم والأحساء بوسعنا إقامة مهرجانات تحتفل بمواسم الحصاد وتتضمن جانب ترفيهي يمتزج ببرنامج ثقافي وتسويقي للمنتجات الزراعية التي تعتبر في غاية الأهمية للمملكة... أضف إلى ذلك العديد من المقومات السياحية الطبيعية التي لم تستثمر، فبلادنا فيها الحر والبرد والجبال والوديان والبر والبحر... ولنا أن نتصور بأننا نملك على البحر الأحمر مساحة 1700 كيلومتر لاتوجد عليها فنادق ولامنتجعات وهي ثروة معطلة الاستثمار... يقابلها استثمار على الجهة الأخرى في الأردن حيث نجد خليج العقبة 17 كيلومتر فقط يزوره 3 مليون زائر، و في إيلات 7 كيلومتر يزورها أربعة ملايين سائح، وفي مصر 600 كيلو يزورها 8 مليون سائح.

لاتوجد معوقات

ولاتوجد تسهيلات


بوسع قطاع السياحة أن:
يدعم الاقتصاد الوطني
يقضي على البطالة
يواجه الإرهاب

ماهي المعوقات التي تحول دون استثمارها؟

ليست هناك معوقات، وليست هناك تسهيلات .

كيف؟!
لايوجد مايمنعك عن الاستثمار في قطاع السياحة ولكن لاتوجد تسهيلات تدعم استثمارك .

وماهي التسهيلات المطلوب توافرها؟
أولاً: على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي يجب أن ندرك أن السياحة تمثل أحد أهم روافد اقتصادنا الوطني، ويجب أن نحذف من قاموسنا بعض المفاهيم الخاطئة عنها... فالبعض ترتبط كلمة السياحة في ذهنه بالترفيه أو الرفاهية وبالتالي يراها من الكماليات... والبعض الآخر يفسر السياحة بأنها مرادفة من وجهة نظره للـ( صياعة ) وإهدار الوقت فيما لاينفع... وفي الواقع حتى تنهض صناعة السياحة لابد من أن تكون مصحوبة بوعي وتقدير اجتماعي لدورها الهام بالنسبة للمجتمع... علماً بأنها من جهة تمثل امتداداً للضيافة التي تعد جزء من عاداتنا وتقاليدها العربية الأصيلة، ومن جهة أخرى تعد من أساسيات التوظيف وخلق فرص عمل مضاعفة وكفيلة بالإسهام في القضاء على البطالة ذلك أن كل مهمة تتطلب إلى وجود شخصين في الصناعة يقابلها في السياحة مهمة تتطلب إلى 20 موظف .
ثانياً: نحتاج إلى تسهيلات في منح فيزا الزيارة واحتفاء في المطارات، بل وفي الواقع نحتاج إلى مطارات جديدة تخدم المناطق السياحية .
ثالثاً: نحتاج إلى توفير الخدمات الأساسية في هذه المناطق من طرق معبدة ووسائل نقل وغير ذلك .
رابعاً: نحتاج إلى التسهيلات المصرفية التي تساعد على تمويل قطاع السياحة أسوة بالتسهيلات التي تقدم لقطاع الصناعة .
خامساً: نحتاج إلى سرعة اتخاذ القرارات بشأن التوصيات الصادرة عن اللجان الوطنية فيما يتعلق بقطاع السياحة .

على ذكر اللجان الوطنية ترأستم لجنة السياحة الوطنية بمجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية، ماهي الاستفادة التي تحققت لقطاع السياحة من هذه اللجنة؟
اللجنة أجرت خلال 15 عاماً دراسات عديدة وجابت جميع مناطق المملكة، وخرجت بتوصيات ومقترحات وأنظمة وتشريعات هامة لمستقبل السياحة السعودية .

وماذا بعد؟ هل تم تطبيق كل ذلك؟
نعم، وهنا تكمن المشكلة حيث أنه قد تم تطبيق واعتماد العديد من الخطط والتوصيات الصادرة عن لجنة السياحة الوطنية .

أين المشكلة إذن؟
المشكلة في أنها قد طبقت في دول خليجية وعربية بينما لم يستفاد منها محلياً!!... وهذا يعيدنا إلى أهمية سرعة اتخاذ القرار، خاصة وأن هذه اللجان والدراسات تكلف الدولة أموال طائلة، إذا وضعناها إلى جانب الفرص الاستثمارية المهدرة سندرك حجم الخسارة التي نتكبدها... ولنا أن نقيس على نفس التجربة ماقامت به لجنة السياحة والتسوق بدول مجلس التعاون الخليجي حيث شرفت كذلك برئاستها، غير أن ماتوصلنا إليه قد وجد طريقه إلى التطبيق في دبي وقطر والكويت وغيرها من دول الخليج بينما لايزال متعثراً عند مرحلة التفكير والدراسة لدينا .

لعل ذلك يعيدني إلى ما أشرتم إليه في بداية هذا اللقاء عن عنصر الخوف المتأصل في مجتمعنا، فهل له دور هنا في تأخير اتخاذ القرارات؟
بلا شك له دور، فنحن نخشى من أن نقع في الخطأ بالرغم من أن الخطأ هو عنوان الصواب... ولكن على حال قد يكون غيرنا اليوم أفضل منا إلا أننا لازلنا أفضل من غيرنا وتدارك الأخطاء كفيل بأن يجعلنا نلحق بمن سبقنا .

للسياحة الدينية مواسم غير التي نعرفها ونعترف بها

بما أننا نصدر السياحة فلماذا لا نستوردها؟

نسبة 5% فقط من المسلمين كفيلة بأن تجعلنا الدولة رقم واحد على مستوى العالم في السياحة

ماذا عن السياحة الدينية، ألا تبدو أكثر أنماط السياحة نجاحاً في المملكة لوجود الحرمين الشريفين؟

الحرمين الشريفين هما أعز مانملك، والثروة التي لاتنضب، ومجدداً الخير الذي لم يستثمر كما ينبغي .

كيف لم يستثمر وهما يستقبلان سنويا ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم؟
هذا أمر مفروغ منه... ولكن دعيني أخبرك بأن جميع دول العالم تنفق 10% سنوياً من إيرادات السياحة على حملات التعريف بالبلد والاحتفاء بالزوار بينما نحن البلد الوحيد الذي لايحتاج إلى ذلك .

لماذا؟
لأننا بلد الحرمين الشريفين، وِجهة ومقصد أكثر من مليار مسلم حول العالم فلا نحتاج إلى حملات دعائية لتعريفهم بأن السياحة الدينية متوفرة لدينا، كما أننا لو استقطبنا 5% منهم فقط سنوياً سنصبح أكبر دولة في العالم تستقطب السياح .

وماذا نحتاج لاستقطابهم؟
لاشيء سوى تسهيل الزيارة، وكلمة أهلاً وسهلاً... وعروض خاصة تتضمن برنامج متكامل للسياحة الدينية، والترفيهية، والثقافية، والاجتماعية، وسياحة التسوق، حتى يتمكن الحاج والمعتمر من تمديد فترة زيارته لتشمل ما يشاء اختياره من ضمن هذا البرنامج في أي منطقة من مناطق المملكة ونودعه في طريق عودته إلى موطنه بتجربة سياحية فريدة ومعلومات شاملة عن المملكة .

ولكن ألا تتفق معي بأن للحج والعمرة مواسم محددة وقصيرة ينحصر خلالها تدفق الزوار وقد يصعب التنسيق لبرامج من هذا النوع لهذا العدد الكبير؟
أختلف معك في ذلك، لأن ما لم نتنبه إليه حتى الآن هو أن السياحة الدينية لها مواسم على مدار العام غير التي نعرفها ونعترف بها... ففي دراسة قامت بها إحدى الشركات وجدت أن أعياد رأس السنة الميلادية تشهد تدفق أعداد كبيرة من المسلمين على الحرمين الشريفين لأنها توافق إجازات رسمية يحصلون عليها من دولهم التي تعترف بهذه الأعياد وبالتالي يختارون الاستفادة من هذه الإجازات بزيارة الحرمين الشريفين، وهانحن قد حصلنا تلقائياً على موسم سياحي دون أن نخطط له أو نعترف به... كما أن هناك تدفق مماثل في أشهر ربيع أول ورجب وشعبان وغيرها بحسب معتقدات واختيار كل زائر... هذه مواسم قد فرضت نفسها علينا ولم نستثمرها بشكل مدروس .

أشعر بأنك قد وضعتني في مواجهة تفسير واحد، فالدولة بالتأكيد تود أن تستثمر هذه الفرص التي بوسعها أن تدعم الاقتصاد بشكل كبير ولكن قد يكون العائق هنا في الوعي الاجتماعي وبعض المفاهيم الخاطئة التي تحول دون تقبل المجتمع لخطط السياحة؟
بكل تأكيد هذا غير صحيح، وإن وجد شيء من هذا القبيل في أذهان البعض فهو يرجع مجدداً إلى الخوف غير المبرر من برامج لم ولن نطالب بأن تضمن أكثر من العبادة والتسوق والمتعة البريئة لأفراد الأسرة في المدن الترفيهية والتعرف على الثراء الثقافي والاجتماعي الذي تتميز به المملكة... أما من يعتقد بأن مجتمعنا غير مهيأ بطبيعته للاحتكاك بالسياح أو تقبل اختلافهم عنا فاعتقاده مردود عليه، لأننا ببساطة نصدر سنوياً للخارج ملايين السياح السعوديين الذين يجوبون أقطاب العالم وينفقون في سبيل ذلك المليارات، هل بوسعنا أن ننكر ذلك؟

لا!!
إذن بما أننا نصدر السياحة فهذا يعني أننا بوسعنا أن نستوردها... والمواطن السعودي المضياف حتماً سيعامل الآخرين في بلده بمثل ما يحب أن يعاملونه به في بلدانهم .

 

الرد على أحداث سبتمبر في جعبة قطاع السياحة

إلى أي حد تأثرت السياحة السعودية بأحداث الحادي عشر من سبتمبر أو بعض الأحداث الإرهابية التي وقعت في المملكة؟
من الطبيعي أن يكون للأحداث السياسية أثرها على الاقتصاد بشكل عام والسياحة جزء من اقتصاد هذا البلد ينالها مايناله من ضرر أو انتفاع... إلا أن الاهتمام بالسياحة تحديدا بعد هذه الأحداث يعد في غاية الأهمية، وأعتقد بأنه سيكون الرد المناسب على المغرضين الذين يحاولون الإساءة لنا أو تشويه صورة مجتمعنا المعتدل والمحب للسلام... فمتى ما نجحنا باستقطاب السياح للتعرف على الواقع سيعود كل سائح إلى وطنه مدافعاً عن المملكة وحاملاً لصورة تتحدث عن نفسها لمجتمع متماسك، متدين، متحضر، نجح في أن يأخذ بأسباب الحضارة المعاصرة دون أن يفرط في ثقافته أو هويته... هذه الرسالة من وجهة نظري أكثر بلاغة وأصدق تعبير من إقامة المحاضرات والمؤتمرات أو إرسال الوفود للخارج .

 

مركز الشركات العائلية يتبنى دعوة الشركات العائلية للتحول لمساهمة

سوق الأسهم السعودية والشركات المساهمة أصبحت الشغل الشاغل للمواطن السعودي الذي يعلق عليها آمال كبيرة، فكيف ترى مستقبل هذا القطاع؟
فيما يتعلق بسوق الأسهم أعتقد أن تأسيس هيئة السوق المالية كان خطوة موفقة أسهمت في تنظيم السوق... وألمس كذلك من خلال عضويتي لمجلس إدارة أكثر من 26 شركة مساهمة أن الهيئة سينعكس دورها إيجاباً على الصناعة والسياحة وكافة اقتصاديات الوطن... ولكن هذه الجهود لابد أن يدعمها القطاع الخاص مدركاً أننا بعد الإنضمام لمنظمة التجارة العالمية نحتاج إلى إعادة النظر في آلية إدارة الشركات لتواكب هذه النقلة... ولهذا السبب اشتركت ومجموعة من رجال الأعمال في إنشاء مركز الشركات العائلية .

ماهي أهداف هذا المركز؟
نهدف من خلال هذا المركز إلى تثقيف بيوت التجارة العائلية العريقة في المملكة والتي تشكل في واقع الأمر حوالي 90% تقريباً من الشركات السعودية، إلا أنها تعمل منفردة وهذا التوجه لم يعد مناسباً في المرحلة الحالية... لذلك نسعى إلى دعوة هذه البيوت لتحويل شركاتها إلى شركات مساهمة تحفظ كيانها وتكفل استمراريتها في ظل المتغيرات التي نشهدها اليوم والتي تتطلب فصل الإدارة عن الملكية .


أخيراً كيف ترى مستقبل الاقتصاد السعودي بشكل عام؟
الاقتصاد السعودي توافرت له بفضل الله ثم بفضل قيادتنا الحكيمة دعائم عديدة.... فنحن اليوم نملك البترول المؤسس لاقتصادنا ونملك غيره من الثروات الطبيعية، كما نملك الثروة البشرية... والأهم من كل ذلك هو أن اقتصادنا يحظى بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله الذي منحنا ثقة كبيرة في مستقبل الاقتصاد الوطني، وستسهم خطواته الرائدة في فسح المجال لفرص استثمارية جديدة وكبيرة... فإذا نظرنا إلى كل المعطيات التي تتوفر للمملكة اليوم سنجد أننا مهيئين لانطلاقة كبرى سيجني الجميع ثمارها من مستثمرين أو مواطنين .


الدكتور عبدالعزيز خوجة: سقف حرية مكتبتي هو قدرتي على التمييز

$
0
0
عربيات في مكتبة معالي وزير الإعلام السعودي

الدكتور عبدالعزيز خوجة: سقف حرية مكتبتي هو قدرتي على التمييز

خاص - عربيات

قد تنجح التقنيات الحديثة في صناعة ثورة هائلة في مجال الإعلام، أما الثورة الحقيقية للتطوير فهي التي يصنعها الإنسان بإرادته وثقافته وممارساته، وهذا ما أحدثه وزير الإعلام السعودي معالي الدكتور عبدالعزيز خوجةمنذ توليه منصبه، بداية بلقاءاته مع المثقفين والإعلاميين، ومروراً بعجلة التطوير، ووصولاً إلى تسليم مفتاح التواصل المباشر معه للجميع من خلال تواجده على الشبكة الإجتماعية Facebook، حيث رسخ بهذه الخطوة قناعتنا في "عربيات"منذ إنطلاقتنا الأولى بأن الإنترنت ستكون الحلقة الأكثر فعالية للربط المباشر بين المواطن والمسؤول.
في زيارتنا الأولى لمكتبه كانت هناك قضايا عديدة مطروحة على طاولته، أما عيني فكانت متعلقة بمكتبته التي شعرت أنها تحكي قصة خلفية وثقافة شخصية تشكلت هنا قبل أن تتقلد عجلة قيادة الثقافة في وطنها، ومن ذلك المشهد خرج هذا اللقاء.



أنا من جيل القراءة، ورحلتي بدأت مع "السندباد"


لكل قارئ حكاية أصبح من خلالها قارئاً، فماهي حكايتكم؟ ومتى كانت بداية علاقتكم مع الكتاب؟
لم تكن القراءة بالنسبة لجيلنا واسطة معرفية فحسب، بل كانت كذلك وسيلة ترفيه، لذلك من الممكن أن نقول أن جيلنا كان جيل القراءة، وبدأت قصتي مع القراءة مع قصص سندباد والروايات البوليسية وتدرجت شيئا فشيئا حتى وصلت إلى الفلسفة والشعر خصوصا شعراء مدرسة "أبوللو"الشعرية مثل أحمد زكي أبو شادي وإبراهيم ناجي وعلى محمود طه.
كان الحصول على الكتاب سهلا بفضل "مكتبة الثقافة"في باب السلام ثم "القشاشية"لصاحبيها صالح جمال وأحمد جمال، بالإضافة إلى أنني كنت أتبادل مع أقراني – وقتها – ما يصلنا من كتب ثقافية وأدبية وفكرية.
اليوم، ومع التطور الهائل في مجالات العلوم والتقنية وعلم الاتصال، لم يعد الكتاب وسيطاً معرفياً وحيداً بعد أن تعددت وسائط المعرفة من تلفاز وإذاعة وإنترنت وصحافة، ولعلي ألاحظ هذا في أبنائي وإقبالهم على القراءة أو المعلومة من خلال وسائط العصر خصوصاً ابنتي الكبرى وابنتي الوسطى.

 


قال العقاد "أهوى القراءة لأنّ عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة"، فما الذي تحركه القراءة في الإنسان خوجة؟
تستثير الأخيلة وتبلور الصور وتكسر محدودية الأفق إلى الفضاء اللا محدود، وتحرض العقل على مزيد من التفكر والتدبر في سنن الله وتجذبني إلى التأمل في نتاج الإنسان والحواجز التي واجهها أو التي سيواجهها.


كان للشعر "جمهور"وأصبح له "قاريء"


ارتبط العرب منذ القدم بالشعر إلا أن الرواية على مايبدو اليوم قد تسيدت ساحة القراءة، فماهو السبب من وجهة نظركم؟
كان للشعر "جمهور"وأصبح له "قارئ"، وهناك من يرى هذا انتصاراً للشعر وهناك من يراها هزيمة، من جهتي لا أعتبره نصراً إذا لم ينعكس هذا على الشعر نفسه تطوراً وتأملاً وتجديداً في الشكل والمضمون.


تجربتي الدبلوماسية امتزجت بالأدب والبيئة التي أنتجته


منصبكم كسفير سابق لخادم الحرمين الشريفين في عدد من دول العالم لابد وأنه قد أتاح لكم الإطلاع على الأدب العالمي والثقافات المختلفة، فأيهم كان الأقرب إليكم؟
لا شك أنني استفدت كثيراً من الاطلاع على نتاج الأدب الروسي مثل أعمال "توليستوي"و"بوشكين"و"ديستويفسكي"وغيرهم، والتفاعل مع هذا النتاج بالاطلاع على تجاربهم الحياتية والظروف التي أنتجت هذه الأعمال الكبيرة والمهمة.


في مرحلة الطفولة والشباب هل كان هناك من يمارس دور الرقيب على قراءاتكم؟
على العكس، كان والدي – رحمه الله – يزودني بمصروف خاص للكتب إضافة إلى مصروفي الشخصي، وكان يشجعني تماما على تلقي العلم والمعرفة، وأنا اليوم أحرص على ذلك مع أبنائي مع مراعاة تطور الزمن.


سقف حرية مكتبتي هو قدرتي على التمييز بين الصالح والطالح


مكتبتكم الثرية تلفت انتباه زائرها من الوهلة الأولى، فنود أن نتعرف على تصنيفها؟ وآلية جمعكم للكتب التي تصطف على أرفف ممتدة إلى سقف حجرة مكتبكم؟
هذه المكتبة نتاج تراكم طويل من الاهتمامات والتجارب والتنقل بين العواصم العربية والعالمية، وهناك مكتبات أخرى في المنزل غير التي شاهدتيها تحتوي أضعافا مضاعفة من الكتب في شتى المجالات.


وماذا عن سقف حرية مكتبتكم؟
ليس هناك سوى سقف المنزل، أما إذا قصدت سقفاً معنوياً أو رقابياً فهذا السقف غير موجود، فالتجربة والخبرة كافية لتمييز المؤثرات السلبية والإيجابية، وهذه سمة قارئ اليوم على وجه العموم، هو من يميز الصالح للاستفادة وهو من يميز الطالح للاستبعاد.


ماهي أثمن زاوية في مكتبتكم؟ ولماذا؟
كل زاوية تكمل الزوايا الأخرى، وقيمة المكتبة تكمن فيها كلها وليس في أجزاء منها.


إصدارات الشباب تساعد على قراءة المشهد الأدبي والفكري


إلى جانب أمهات الكتب، من الملاحظ أن مكتبتكم تضم عدداً من الإصدارات الحديثة التي قام بتأليفها شباب، فماذا أضافت للمكتبة ولكم؟ وهل تتفق مع من يرى أن أسلوب وطرح البعض منها ضعيف؟
باختصار، أضافت الحيوية والشباب والمعاصرة إلى المكتبة ولي شخصياً، فحتى لو كان بعضها ضعيفا سيساعد على قراءة المشهد الأدبي والفكري ويكون حافزاً مهماً لأصحابها لتطوير أنفسهم، ولكن أغلبها – فعلاً- جدير بالقراءة والاقتناء.


قريباً، عودة معرض جدة للكتاب


وعدت بعودة قريبة لمعرض جدة للكتاب، فهل من مستجدات بهذا الخصوص؟
لا يوجد أي مانع لعودة معرض جدة للكتاب، وبإذن الله يتحقق هذا قريباً.

على الناشر المعاصر أن يطور أدواته ليصل إلى القاريء


المكتبات الالكترونية اليوم تستهدف القاريء السعودي وتحقق أرباح طائلة من مبيعاتها، ولعل هذا الاقبال يعكس افتقاد المكتبات المحلية للكتب الأكثر رواجاً، فهل السبب يعود إلى الرقابة وبطؤ إجراءات الفسح؟ أو يقع على عاتق الموزعين؟
السبب الرئيس هو طبيعة هذا العصر، وعلى الناشر المعاصر أن يطور وسائله وأدواته للتفاعل مع قارئه المعاصر والجديد.


استشرفتم مستقبل الصحافة الإلكترونية في لقاءات عديدة، فماهي رؤيتكم للكتاب الإلكتروني؟
الكتاب الإلكتروني والكتاب السمعي هما "حاضر"خارج العالم العربي وليس مستقبلاً فقط، ولعل اتجاه الناشرين العرب إلى الكتاب السمعي والإلكتروني سيكون مفيداً من حيث تشجيع الشباب على المعرفة ومواكبة تطورات العصر، إضافة إلى الفوائد الثقافية والتجارية الضرورية والمطلوبة.


القاهرة وبيروت وبغداد مراكز ثقافية هامة، والسعودية مؤثرة


قيل فيما مضى "أن القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ"، فكيف للشاعر والكيميائي أن يعيد وزن هذه المعادلة لاسقاطها على الوقت الراهن؟
ما زالت القاهرة وبيروت وبغداد مراكز ثقافية مهمة، ولكن من الواجب أن نلاحظ التأثير الإيجابي للمؤلف السعودي والقارئ السعودي على هذه المراكز.


كلمة أخيرة
أتمنى لمجلة عربياتوكامل فريقها التحريري والتقني كل تطور ونجاح وازدهار، وأن يوفقها الله عز وجل للقيام بدورها الثقافي والاجتماعي كما يتمنى أصحابها وكما يتمنى المتلقي وبارك الله فيكم.
 

الدكتور فهد العرابي الحارثي يستشرف مستقبل الإعلام السعودي

$
0
0
مؤسسات الإعلام الحكومية ستتحول إلى مؤسسات مستقلة، والإنترنت فرضت على العالم تقاليدها

الدكتور فهد العرابي الحارثي يستشرف مستقبل الإعلام السعودي

خاص

اختار أن يسبر أغوار الظواهر الفكرية والاجتماعية والاقتصادية من خلال مجهر مركز "أسبار"للدراسات والبحوث، وأردنا أن نستشرف معه مستقبل الإعلام السعودي وهو الخبير الذي يستند إلى تجربة طويلة في هذا المجال بدأت بصحيفة الندوة وانتهت إليها، ومرت بمرحلة انتقالية شهدتها الصحافة السعودية عندما خرجت صحيفة الوطن من معمل أبحاثه كأحدث الصحف السعودية تأسيساً وربما أكثرها تأثيراً، الدكتور فهد العرابي الحارثي ضيفنا اليوم يستضيف قراء "عربيات"في جولة تعرج على الماضي وتستشرف المستقبل الذي تتطلع إليه دراسة إعادة تأسيس صحيفة الندوة، ويترقبه الإعلام الجديد الذي ترأس فريق إعداد مشروع نظامه.


حصلت على درجة البكالوريوس في اللغة العربية ، فأين تقف اليوم بين المطالبين بالتركيز على تأسيس الطلاب بها في المدارس وبين التوجه إلى اعتماد اللغة الإنجليزية للتدريس باعتبارها لغة العلوم؟
اللغة العربية هي لغة الدين ولغة المخزون الثقافي والفكري والتاريخي للأمة، وهي اللغة التي ينبغي أن تتولى مهمة التعبير عن وجدان الناس وتطلعاتهم وهي لغة التفاهم فيما بينهم وينبغي أن نعمل على أن تكون هي في الوقت نفسه لغة العلم نظراً لما طرأ على عالم اليوم من تغيرات جذرية فيما يتعلق بالصلات والعلاقات بين أممه وشعوبه وفيما يتصل أيضا بإدارة الاقتصادات الجديدة فرضت على هذا العالم أن يكون هناك لغة مشتركة توفي بهذه الأغراض وتحقق أهداف العولمة، وكانت اللغة التي أخذت مكانها في هذا السياق بكل قوة واقتدار هي اللغة الإنجليزية نظراً لظروف كثيرة لا تخفى على أحد وهى أنها أي "اللغة الإنجليزية"لغة القوي المتمكن في الجانب العلمي والتقني والاقتصادي، لا مفر اليوم من أن تكون هذه اللغة هي لغة العالم فيما يتعلق بتأمين الحدود المقبولة من علاقاته وصلاته، وفيما يتصل بمتابعة مستحدثاته ومستجداته العلمية والتقنية بل وحتى الفكرية، لهذا أنا أعتقد أن من الضروري أن نعلم طلابنا اللغة العربية وأن نعلمهم في الوقت نفسه اللغة الإنجليزية.

الإنترنت فرضت على العالم تقاليدها وأعرافها وإيقاعاتها

هل تخشى من (التهجين) الذي تتعرض له اللغة العربية في الاستخدامات اليومية على شبكة الإنترنت؟
الإنترنت فرضت على العالم اليوم تقاليدها وأعرافها وإيقاعاتها، وهي بالتالي أحدثت تأثيرات قوية ومهمة على لغات العالم، ولا نستطيع أن نستثني اللغة العربية من ذلك، فالملاحظ اليوم في التعاملات الإلكترونية وفي التواصل عن طريق الإنترنت، أن هناك لغة أو لغات جديدة تتشكل هي هجين ما بين اللغات المحلية واللغة الإنجليزية على وجه الخصوص، لأن ما يبث عبر الإنترنت اليوم هو في معظمه من حظ اللغة الإنجليزية دون لغات العالم الأخرى، وبنسبة لا تقاس، فالمحتوى الذي يتدفق عبر الإنترنت هو في غالبيته العظمى محتوى مكتوب ومقدم للناس باللغة الإنجليزية، هذا فضلاً عن أن تقنية الإنترنت نفسها خلقت أو أوجدت مصطلحات لابد أن تأخذ بعين الاعتبار، وهذا لا يعني ألاّ يكون هناك محاولات جادة من خلال المؤسسات المختصة والمعنية بأن يكون للعرب وجود أقوى على الإنترنت وأن يكون لهم أيضاً لغة تتعلمها الأجيال للتعامل مع ثورة الاتصالات الجديدة، لقد فرضت الإنترنت أشكالاً جديدة للتعبير وهي قدمت تسهيلات كبيرة لمشاركة كل الناس في التواصل مع كل الناس، وبالتالي فإن هذا يفترض أو يقتضي أن تكون هناك مزيد من التنازلات على الصرامة التي عرفتها لغة الكتابة في أزمنه سابقة، وهي تنازلات على البناء، وتنازلات على الأسلوب، وتنازلات بلاغية وبيانية أيضاً.

من جامعة أم القرى إلى السوربون، كيف تمكنت من حجز مقعدك في الجامعة الباريسية؟
لا أظن أنني أتيت في ذلك بمعجزة، فأنا فعلت كما يفعل الطلاب المبتعثون الآخرون، فجامعة السوربون هي إحدى الجامعات التي لا تميز بين الأجناس والأعراق والثقافات، وقد دخلتها كما يدخل أي طالب سعودي آخر في أي جامعة غربية أخرى.

حصلت من السوربون على دكتوراة الدولة فما هو الفرق بينها وبين دكتوراة الجامعة؟
يعتقد الفرنسيون بأن دكتوراة دولة هي أكبر شهادة دكتوراة في العالم، وهم يمنحون شهادات أخرى مثل دكتوراة الجامعة أو مثل دكتوراة الدرجة الثالثة وأعتقد أنهم مؤخراً اكتشفوا أنهم لابد أن ينتظموا في سياق ما تقدمه جامعات العالم الأخرى من درجات، فوحدوا هذه الأنواع الثلاثة من الدرجات العلمية في درجة علمية واحدة سموها "الدكتوراة الجديدة".

هل كانت لك مشاركات أو أطروحات في الصحافة الفرنسية أثناء دراستك في السوربون؟
لم تتهيأ الفرصة لي في تلك الأيام لأي مشاركة في الصحافة الفرنسية، كنت في تلك الأيام أدير مكتباً صحافياً سعودياً في العاصمة الفرنسية يضم خمسة مراسلين ويغطي دول أوربا الغربية ودول شمال أفريقيا ولكنه كان يعمل لصالح الصحافة السعودية.

البرزخ بين الابتعاث القديم والابتعاث الجديد

بالرغم من أن المبتعثين إلى الخارج فيما مضى كانوا أقل عدداً إلا أن العائد من عملية الابتعاث كان أكبر، هل تتفق مع هذا الرأي؟ ولماذا؟
لي ملاحظات كثيرة على نظام الابتعاث إلى الخارج في السابق وفي الحاضر أيضاً، فبالنسبة للابتعاث في السابق، أظنه كان عشوائيًّا، ولم يحظ بالاهتمام اللازم فيما يتعلق بتحديد التخصصات المهمة التي تحتاج إليها البلاد، ربما يعذرنا التاريخ في تلك الأيام بأننا كنا في حاجة لكل التخصصات، لكني أعتقد انه كان ينبغي أن يكون لنا أولويات في التخصصات العلمية التي نبتعث من أجلها طلابنا إلى الخارج، اليوم أصبح الابتعاث أكبر عدداً من السابق، وأظن أن هناك تقنيناً للتخصصات التي نحتاج إليها، وأنا متفائل جدًّا بنتائج الابتعاث على الصيغة التي نقرأ عنها اليوم، طبعاً هذا لا يقلل أبداً من أن الابتعاث في القديم أدى دوراً كبيرا في ملء الكثير من الاحتياجات التنموية، وإن لم يكن بالصفة المثالية التي كنا نريدها، فقط أريد أن أقول بأنني نادم على السنوات الطويلة التي شكلت ما يشبه البرزخ بين الابتعاث القديم والابتعاث الجديد، أعني تلك المرحلة التي توقف فيها الابتعاث نهائياً إلى الخارج، إنني أرى أن الابتعاث إلى الجامعات المهمة في الخارج، وإلى البيئات العلمية والتقينة الجديدة، أمر مهم لنهضة البلد، ولنا في تجربة اليابان خير مثال، فلم يكن أمام الإمبراطور "ميجي"في اليابان لكي يحقق النهضة الحديثة لبلاده إلا أن يطلق شعاره الشهير "اذهبوا إلى الغرب وتجاوزوه"وكان هذا هو ما حقق النهضة الحديثة اليابانية.


الندوة ستحقق ماهو مطلوب على المستوى الورقي، وماهو متوقع على المستوى الإلكتروني

 أول عمل صحفي لك كان في صحيفة الندوة، ومن خلال مركز أسبار اليوم تقوم بإعادة تأسيسها وإصدارها، فكيف توازن بين ارتباطك العاطفي بالصحيفة ورغبتك في استمرارها، وبين الآراء التي تؤكد أن فرص الصحف المطبوعة باتت ضئيلة في عصر الإعلام المرئي والإلكتروني؟
صحيفة الندوة هي صحيفة ذات حمولات ثقافية وتاريخية كبيرة، فهي من جهة تصدر من مكة المكرمة، وهي من جهة أخرى من أوائل الصحف السعودية التي أسهمت إسهاماً كبيرا في دعم التنمية الثقافية والفكرية والاجتماعية في هذه البلاد، إذ قدمت أسماء كبيرة في تاريخ الثقافة السعودية والإعلام السعودي، ولهذا لم يكن ينبغي لها أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من المشكلات والمعوقات التي أنهكت حاضرها، وجعلت المستقبل أمامها شديد الغموض، ولقد قيض الله لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي قدم لها كل ما يمكن أن يهيئ لعودتها قوية أخاذة بين مثيلاتها ورصيفاتها في الصحافة السعودية، وهي من هذا المنطلق ستعمل بفريق العمل الذي يعمل على إعادة تأسيسها اليوم على أن تأخذ بآخر ما توصلت إليه التجارب الصحيفة والإعلامية في العالم، سواء كان ذلك على مستوى الأداء أو على مستوى التقنية، وأعتقد أن هذه فرصة كبيرة لصحيفة الندوة أن تنطلق من حيث ما انتهى إليه الآخرون، وألاّ تتكبد من أجل ذلك أي أعباء كبيرة لاسيما فيما يتعلق بالتخلص من كل ما هو تقليدي، والانتظام مع كل ما هو جديد في عالم الإعلام اليوم، لعل التكلفة ستكون أكثر عبئاَ على المؤسسات الصحفية الأخرى، فهي من أجل أن تنتظم في السياق الإعلامي الجديد اليوم لابد أن تتخلص أولاً من مظاهر الإعلام التقليدي، وفي كل ما يتصل به من موارد بشرية ينبغي إعادة تأهيلها، ومن تقنيات جديدة ينبغي أن تقوم على أنقاض التقنيات القديمة، ولهذا فلا خوف أبداً على صحيفة الندوة التي افترضت سلفاً أنها في عصر الإعلام الجديد، فهي ستحقق ما هو مطلوب على المستوى الورقي، وما هو مطلوب ومتوقع على المستوى التقني والإلكتروني.

إلى أي حد اختلفت دراستكم التأسيسية لإنشاء صحيفة الوطن في عام 1997م عن دراستكم اليوم لإعادة تاسيس صحيفة الندوة، خصوصاً مع التغيرات التي طرأت على طبيعة الجمهور؟
الدراسات التأسيسية لصحيفة الوطن أنجزت منذ ثلاثة عشر عاماً، وبالتالي فهي ارتكزت على معطيات لم تعد في معظمها صالحة لهذا اليوم، وأعتقد أن الدراسة التأسيسية لصحيفة الندوة ستقوم على نمط آخر من الدراسات الاستشارية، وهذا النمط يعتمد على الأحدث، ويعتمد على تصورات مختلفة فرضتها التغيرات الهائلة التي مرت بعالم اليوم، أعتقد أن صحيفة الوطن نفسها في خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية شهدت تطورات مرحلية مختلفة، حتى أنني أجزم أنها اليوم قد تجاوزت العديد من نتائج الدراسات التأسيسة التي قمنا بها عند انطلاقها، وفي صحيفة الندوة استقطبنا عناصر مهمة على المستوى السعودي والعربي والعالمي لإنجاز الدراسات والاستشارات والمساهمة فيها، وأستطيع القول بأنه يشترك اليوم مع مركز أسبار وتحت إشرافه شركات عربية وعالمية، وشخصيات إعلامية أيضاً مرموقة على مستوى العالم سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو من العالم العربي أو من المملكة العربية السعودية ذاتها، وكل هذه العقول، وكل هذه الخبرات، تعمل اليوم على أن تكون الندوة نمطاً متقدماً وراقياً في أدائه وفي وسائله.

 لك تجربة في رئاسة مجلس إدارة جريدة الوطن بالإضافة إلى منصب المدير العام والمشرف على تحريرها، من خلال تلك التجربة هل تؤيد فصل الإدارة عن التحرير؟ ومتى يمكن الجمع بينهما؟
لكل أسلوب من هذه الأساليب الإدارية سلبياته وإيجابياته، وأعتقد أنه من المناسب أن نعطي الفرصة لكل مؤسسة أن تدير أمورها بما تراه يتلاءم مع ظروفها، ومع رؤيتها ورسالتها.

مؤسسات الإعلام الحكومية ستتحول إلى مؤسسات مستقلة

أين تقف بين مطالب إلغاء وزارة الإعلام والاكتفاء بوزارة الثقافة، وبين ضرورة وجودها لتعكس من خلال منابرها السياسة الإعلامية للدولة؟
يهمني شخصياً أن أؤكد على ضرورة استقلال الإعلام الأهلي عن الإعلام الحكومي، وأن تعطى له الفرصة لكي يقدم رسالته وفق السمت الثقافي والاجتماعي والتاريخي للبلاد، ووفق الأنظمة المرعية التي أقرها ولي الأمر، أما بعد ذلك فلا يهمني أن يكون هناك وزارة للإعلام أو وزارة للثقافة أو للاثنين معاً، أعتقد أن هناك تطورات سيشهدها الإعلام السعودي في السنوات القريبة القادمة ومن أبرزها أن الإعلام الرسمي نفسه سيتعرض لتغيرات جذرية أبرزها تحويل كثير من مؤسسات الإعلام الحكومية إلى مؤسسات مستقلة أو شبه مستقلة في إجراءاتها وفي إنجازاتها وتصوراتها عن وزارة الإعلام، وذلك مثل تحويل التليفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسسات مستقلة بمجالس إدارة مستقلة وبرؤية إدارية مختلفة عما هو عليه الحال اليوم، وهذه كلها إنجازات ستدفع بعجلة التنمية الإعلامية إلى مزيد من التقدم.

هل ترى في أي من الجمعيات والهيئات الإعلامية القائمة بديلاً لوزارة الإعلام في حال إلغائها؟
الجمعيات التي أشير إليها في السؤال لا يوجد في أنظمتها الداخلية أو سياساتها أو أهدافها أي شيء مما يمكن أن يوحي بأنها يمكن أن تضطلع بإدارة الإعلام في البلاد، فكل واحدة من هذه الجمعيات لها أهدافها الخاصة، ولها أنظمتها الداخلية الخاصة التي لا تقدم ما تقدمه وزارة الإعلام اليوم.

نظام الإعلام الإلكتروني تجاوز الأنظمة المتعلقة بالمطبوعات والنشر وواكب المعطيات الجديدة

ترأستم الفريق العملي الذي أعد مشروع نظام الإعلام الإلكتروني في المملكة العربية السعودية، وفي المفهوم العالمي يعتبر التنظيم في هذا المجال عبارة عن قوانين حماية ملكية فكرية تكفل للمحتوى الإلكتروني حقه  وتفرض عليه مراعاة حق غيره في الملكية الفكرية للمواد كما تقتصر العقوبات على المخالفات في مجال التحريض على العنف أو بيع الأعضاء البشرية وغيرها من الأنشطة غير مشروعة بشكل عام، فهل سينفرد نظام الإعلام الإلكتروني الذي عملتم عليه ببنود مستحدثة أخرى؟
أستطيع القول بأن ما يهدف إليه نظام الإعلام الإلكتروني الذي سيصدر في القريب هو الحد من الفوضى التي تعتري هذا النوع من الإعلام فقد أساء الكثيرون استغلال هذا الفضاء الرحب الجديد، الذي يشي بمجال أوسع من الحرية والمطلوب هو أن يكون هناك مسئولية اجتماعية وديينة وسياسية تحدد المضمار الذي ينبغي عدم تجاوزه فلا يتحول الإعلام الإلكتروني إلى معاول للهدم الاجتماعي أو الديني أو الثقافي، ثم أن هناك هدفاً آخر يصب في مصلحة الناشطين في هذا المجال، أستطيع أن أقول بأن النظام يركز على حفظ حقوق هؤلاء، وعلى تحويل الكيانات الهشة القائمة اليوم إلى كيانات قانونية شرعية تضمن للاستثمارات التي تضخ في هذا المجال الاستمرارية والنمو، ولا ينبغي إلى أن ينظر إلى النظام إلى أنه مجموعة من العقوبات وأنه وسيلة للقمع والحد من الحريات، فالنظام يكفل حرية التعبير للجميع، وهو في نفس الوقت تجاوز كثيراً الأنظمة المتعلقة بالمطبوعات والنشر والتي وجدت في سنوات سابقة وتعاملت مع معطيات وظروف لم تعد موجودة اليوم، ولذلك فلا أجد مبرراً لأي مخاوف من هذا النظام بل على العكس هناك مردودات إيجابية على المجتمع وعلى المستثمرين وعلى الناشطين في مجال الإعلام الإلكتروني.

هل تتوقع أن ترخيص المواقع الإعلامية السعودية على الإنترنت سيمنحها قيمة مضافة في المنافسة مع المواقع التي لم تحصل على ترخيص أو تصدر من خارج المملكة؟
نعم أنا مؤمن بذلك تمام الإيمان وكما قلت في إجابة السؤال السابق فإن الإجراءات الجديدة ومنها منح التراخيص سيعطي شرعية لهذه المواقع، وسيضمن الاستثمارات المتدفقة فيها، وسيكفل للمنتمين إليها الكثير من الحقوق، في الوقت الذي يحدد لهم واجبات اجتماعية ودينية وسياسية لابد من الأخذ بها كأساس من المسئولية الأخلاقية والمسئولية الفكرية لكل من يريد أن يكون جزءاً في المنظومة الإعلامية في بلد مثل المملكة العربية السعودية.

هل وضعتم بعين الاعتبار في الدراسة الفوارق بين ما يمكن تطبيقة من أنظمة وقوانين على المحتوى الصحفي الإلكتروني الذي تتحمل مسؤوليته هيئة التحرير، وبين الإعلام التفاعلي كالمنتديات والشبكات الإجتماعية وغيرها؟
النظام يتعامل مع المحتوى الإلكتروني تعاملاً واحداً، فالمحتوى هو مسئولية الموقع الذي ينشر أو يبث ما يكتب له، أو يقال فيه، سواء كان ذلك من قبل هيئة التحرير أو من قبل المشاركين الآخرين من خارج هيئة التحرير.

هل توصلتم إلى آلية تكفل لأي أنظمة متعلقة بالإعلام الإلكتروني النجاح والتطبيق دون أن يتطلب ذلك التزام الدول الأخرى بنفس النظام أو حتى التعاون لتطبيقه في حال وجود موقع مخالف مستضاف على خوادمها ويصدر من أراضيها؟
النظام يُعنى بالدرجة الأولى بما يقع تحت الولاية السعودية، أما ما هو خارج عن الولاية السعودية فهناك أجهزة أمنية أخرى يمكن أن تتعامل معه بالطريقة المناسبة.


معجم أسبار للنساء السعوديات واجه ضعف استجابة النساء

أصدرتم معجم أسبار للنساء السعوديات، ولكن ألا تعتقد أننا اليوم أصبحنا بحاجة إلى معاجم ربما بعنوان "أول من ....؟"وسط فوضى في توزيع ألقاب "الأولوية"على إنجازات مختلفة دون وجود مرجع للباحث ولوسائل الإعلام بوسعه فض الاشتباك وتوثيق الإنجازات بالتواريخ والأسماء الصحيحة؟
"معجم أسبار للنساء السعوديات"صدر قبل عشرة أعوام في وقت لم يكن الفضاء المفتوح أمام المرأة السعودية بالمستوى الذي هو عليه اليوم، وبالتالي كان الهدف من المعجم أن يقدم للناس فكرة موجودة في مجتمعات أخرى وهي فكرة (who is who) بغض النظر عن تحديد أولويات معينة، أو تأكيد أهميات محددة، لشخصيات نسائية، وكنا نريد أن نستمر في هذا العمل، ولكن معوقات كثيرة اعترضتنا ومن أبرزها وأهمها ضعف الاستجابة لفكرة هذا المعجم مع الأسف الشديد حتى من النساء أنفسهن، اليوم الفضاء الأكثر انفتاحاً أمام المرأة السعودية يحتاج إلى أعمال أخرى، بشروط أو بمعايير أخرى، ربما تختلف في قليل أو في كثير عن المعايير التي اعتمدها فريق العمل الذي اشتغل على معجم للنساء السعوديات في وقت سابق.

تتطلب أغلب مشاريعكم في مركز أسبار دراسات مسحية، فما مدى تعاون أفراد المجتمع معكم للإجابة على الاستطلاعات وتعبئة الاستبانات؟ وهل أصبح لدى المواطن العادي الوعي الكافي بضرورة تحري الدقة عند الإجابة التي ستترتب عليها الاستنتاجات؟
عندما نقوم بإنجاز بحوث استطلاعية في المجتمع السعودي يعمد الفريق المكلف بالمهمة إلى تطبيق المعايير العلمية الصارمة لكي لا يبني نتائجة على معطيات مضللة، ولذلك فنحن نقوم بتحديد حجم العينة وبتوزيعها ضمن الأطر الجغرافية والديموجرافية وبناء على المتغيرات المطلوبة وفقاً لمعايير منهجية معروفة، وهي بالتالي تختلف من بحث إلى بحث وفقاً للأهداف المرسومة، وطبقاً للنتائج المراد التوصل إليها، وبالتالي فإن توزيع العينة وتدريب الباحثين الذين سيقومون بالمهمة تدريباً مكثفاً يجعلهم يتحاشون الكثير من السلبيات التي قد تفضي إلى إحداث خلل ما أو خطأ ما في المنهج المطبق، وبعد أن يتم تدريب هؤلاء التدريب اللازم في التعامل مع المبحوثين، وأعتقد أن المجتمع السعودي لا يختلف عن أي مجتمع آخر من حيث مراعاة الحد الأعلى من المصداقية، ولاسيما إذا تأكد المبحوث أنه لا يتحمل أي مسئولية من أي نوع فيما سيقوله من إجابات، فاسمه غير معروف كما أن إجاباته توظف لأغراض علمية صرفة، فضلاً عن أن الهدف الأسمى لكل هذه الأعمال هو خدمة هذا المجتمع والمساهمة في الوصول إلى نتائج تضاف إلى ما يمكن أن يحقق له مزيداً من الثبات في طريقه التنموي الشاق، وهذا لا يعني أن الاستبانات بعد جمعها أيضاَ لا تمر بعملية فحص دقيق لما يمكن أن يوحي بالتهاون أو التساهل في الإجابة على بعض الأسئلة، وهناك طرق كثيرة للكشف عن مثل هذه الأمور، وهذا كله يتم، ونحن نعتقد أن كثيراً من المخاوف التي يعتقد بها البعض هي ليست موجودة على أرض الواقع وقد أكدت لنا تطابق الإجابات على بعض الأسئلة أو بعض المتغيرات في أبحاث مختلفة، لأغراض مختلفة، في أوقات مختلفة، أثبتت أن بعض الحقائق غير قابلة للجدل، وأضرب مثالاً على ذلك بكثير من الأمور المعروفة والأساسية والتي نعرف أنها تكون صفة من صفات المجتمع السعودي، ومن ذلك على سبيل المثال "تدين"السعوديين والتزامهم ببعض الممارسات التي يعتقدون أنها جزء من عاداتهم وتقاليدهم، والتي تفاجئنا في كثير من الأحيان بإجابات الناس عليها فهي تأتي مخالفة لتوقعات النخبة التي تتداول في قاعات الدرس أو في صالونات المثقفين.

بعد مشوارك الطويل في مجال الإعلام كصحفي ورئيس تحرير، ما هو المشروع/المشاريع الإعلامية التي تنظر لها اليوم بعين الإعجاب؟ ولماذا؟
طبيعى أن يكون هناك اختلاف حول كثير من المشروعات الإبداعية سواء في مجال الإعلام أو في غيره، ولكن هذا لا يمنع من القول بأن هناك مشروعات إعلامية سعودية على قدر كبير من الاحترافية وعلى قدر كبير من التأثير اليوم، وأستطيع أن أسمي مجموعة إم بي سي التي يقوم عليها الشيخ وليد البراهيم بكل مهنية، وبكل إبداع، وهي اليوم تعتبر منارة من منارات الإعلام العربي الذي يقدم إعلاماً جاداً ومسئولاً، وأؤمن أن الإعلام السعودي اليوم يقدم نماذج جديرة بالاهتمام وتستحق أن نحييها.

البروفيسور كمال صنهاجي مكتشف دواء الإيدز في حوار صريح لـ"عربيات "

$
0
0
هجرة الأدمغة لها نتائج مأساوية وخطيرة

البروفيسور كمال صنهاجي مكتشف دواء الإيدز في حوار صريح لـ" عربيات "

رشيد فيلالي - الجزائر

يعتبر البروفيسور الجزائري كمال صنهاجي أحد أبرز الباحثين العالميين حول داء الإيدز، يُشرِف في الوقت الحالي على ثاني أكبر مستشفى جامعي بفرنسا في مدينة ليون، التي درس فيها منذ كان في المرحلة الثانوية، فهو من مواليد 1954 بالجزائر العاصمة، عمل أستاذاً جامعيا منذ العام 2000 ودخل معترك السياسة عنوة من عام 2002 إلى غاية 2007 ليخرج منه بتجربة مريرة وفقاً لتصنيفه، حصل على عدة جوائز وتكريم من أعلى المستويات.
للبروفيسور صنهاجي أكثر من 100 بحث علمي منشور في أكبر وأشهر الدوريات العالمية، وفي الوقت الراهن يستحيل أن يعقد ملتقى في العالم حول داء الإيدز ولا يستدعى إليه، هذا الرجل المتواضع دائم الابتسام الذي زار بلده الجزائر مؤخراً بدعوة من جمعية ثقافية علمية بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري ليقدم محاضرة هامة للغاية حول داء الإيدز بعد مرور 29 سنة على اكتشافه وهناك التقته عربياتفكان هذا الحوار .


البروفيسور كمال صنهاجي اكتشفت علاجا للإيدز وأطلقت عليه مصطلح العلاج الجيني، لقد حصلت على براءة اختراع هذا العلاج في الولايات المتحدة في الوقت الذي لم يُعترف به في الجزائر، ما تعليقك ؟
علينا أن نعترف بأن ثقافة البحث العلمي لا توجد في الجزائر، ولا زلنا مع الأسف متخلفين فيها إلى أوسع مدى، فواقع الحال يكشف ويعري أمامنا حقيقة مرة وهي عدم وجود سياسة واضحة في هذا المجال، علماً بأن البحث العلمي هو المعيار الحقيقي للتقدم الحضاري في الوقت الراهن.
فعلي سبيل المثال مصر -رغم ما يحدث فيها الآن- وإيران لديهما هذه الثقافة المفقودة لدينا والتاريخ يشهد أن لديهما مساهمات ضمن هذا المجال، حيث تعتقد كلاً منهما أن البحث العلمي من أفضل أنواع الاستثمار والذي مع الوقت والتراكم المعرفي سنحصل من خلاله على مردود عظيم و أكيد، أما نحن فقد ضيعنا الكثير بإهمالنا وسوء تقديرنا للأمور.

 

 المنهجية العلمية هي الفاصل في فعالية العقاقير الجديدة 


نسمع بين الفينة والأخرى عن إعلان اكتشاف علاج للإيدز،  ما مدى صحة هذه الاكتشافات ؟
أتصور أن كل هذه المبادرات إذا لم تكن مبنية على بحث مدون بطريقة منهجية وعلمية واضحة وصارمة فلن يعترف بها لدى الدوائر العلمية الجادة، وحتى في فرنسا توجد هناك أدوية بالأعشاب ولكن هذه الأدوية غير معترف بها حتى وإن أثبتت هذه العقاقير فعاليتها وأظهرت نتائج إيجابية، وذلك لكون هذه الأدوية لم يتم تقديمها وفق تركيبة كيمائية خاضعة للتجربة وإعادة التجربة، كما أنها لم تثبت فعاليتها الدائمة وبالكمية المقننة، وهي الخطة العلمية والمنتهجة ضمن كل بحث علمي صحيح ودقيق ومن هنا فإن أي كلام بعدها يصبح لغواً فارغاً إن لم نقل أنه ضرب من الدجل والشعوذة .


بعد 29 سنة من ظهور الوباء هل تؤمن بفرضية أن فيروس الإيدز من صنع أجهزة المخابرات كما يشاع؟
يا أخي لا أكاد أصدق مثل هذه الفرضيات، إذ من يكون له نية في التفكير بهذا المشروع المرعب؟، الرجل العلمي يستحيل كمؤمن بالقيم الإنسانية العليا أن يفكر بهذه الطريقة الشيطانية.

العالم العربي يصرف على المنشآت ويتجاهل الإنسان

هل أعطى مؤتمر تورينتو بكندا -الذي تم تنظيمه حول داء الإيدز عام 2006 وسجل أكبر حضور علمي بلغ 30 ألف باحث - نتائج علمية ملموسة وإيجابية ؟
نعم، ويعود الفضل في ذلك إلى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الذي منع الاستغلال المادي لاكتشاف الخريطة الجينية البشرية لأنها ملك للإنسانية جمعاء، وكذلك بيل غيتس صاحب شركة ميكروسوفت الشهيرة الذي قدم هبة ب 500 مليون دولار لتطوير الأبحاث حول أدوية الإيدز، علماً بأن دولة عظمى مثل فرنسا لم تساهم في هذا الصدد سوى ب 250 مليون دولار مع أن الإيدز فتك بالكثير من مواطنيها!
لقد كانت النتائج مفرحة لهذا المؤتمر الضخم، إذ كان لمثل هذه المساهمات وغيرها الفضل في إيجاد علاج بتكاليف مقبولة يمكن أن تعالج المصابين في الدول الإفريقية الفقيرة والتي ليس في وسعها اقتناء الأدوية الباهظة الثمن (على غرار العلاج الرباعي الذي يكلف ما بين 10 إلى 15 ألف دولار سنويا) وهناك أيضا العلاج الجيني Gene Therapy الذي اكتشفته ويمكن استغلاله بعد سنتين فقط حيث أعطى نتائج حاسمة ومشجعة على الفئران وهذا العلاج غير مكلف وليس له أعراض ثانوية خطيرة.


في تصوركم لماذا يحقق العقل العربي في الخارج المعجزات فيما يظل شبه مشلول في بلاده ؟
هي قضية احترام للعلم والعلماء، إضافة إلى الإمكانيات المتاحة، كما يوجد هناك عامل آخر يتمثل في حسن التنظيم والتسيير واختيار الأولويات، حيث لازلنا في الجزائر وسائر البلدان العربية نصرف الملايين على الهياكل والمنشآت الضخمة لكننا نهمل تربية الإنسان الذي هو الرأسمال الحقيقي والدائم الذي ينطلق من التكوين البيداغوجي الصلب منذ الصغر، إن تجربة اليابان أكبر مثال على ذلك وحتى إسبانيا والتي كنا في الجزائر على خط مواز معها في السبعينيات من القرن العشرين تمكنت -بالرغم من أنها بلد زراعي- في ظرف وجيز أن تصبح من الدول الغربية المتقدمة، لقد كنا بلداً نامياً حقيقة وكان المشارقة وجيراننا المغاربة وحتى الدول الإسلامية على غرار إيران ينظرون إلينا بإعجاب واليوم تجاوزونا جميعاً ونحن نحاول اللحاق بالركب بعد أن ضيعنا الكثير من العقول والجهد والمال والمعنويات.


سؤال أخير بروفيسور كمال هل أنت متفائل بمستقبل الإنسانية ؟
بالرغم من كل شيء إلا أنني متفائل، لأن قوى الخير دائماً هي التي تنتصر في نهاية المطاف على قوى الشر، والدليل التوازن البيئي الذي يحيط بنا لم يكن ليستمر كل هذه السنين لولا ذلك.


 

نعوم تشومسكي:أمريكا تقف ضد التحولات في المنطقة وعندما تفشل تسعى إلى ترميم الأنظمة

$
0
0
معتبراً انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة خطوة إيجابية لن تسمح بها الولايات المتحدة

نعوم تشومسكي:أمريكا تقف ضد التحولات في المنطقة وعندما تفشل تسعى إلى ترميم الأنظمة

رشيد فيلالي - الجزائر

تنفرد عربيات بحوار حصري  مع العلامة اللغوي والفيلسوف الأمريكي الشهيرنعوم تشومسكي "Noam Chomsky" تم اغتنام فرصة هذا اللقاء لطرح جملة من الأسئلة التي تمس عدة قضايا جوهرية، فضلاً عن قضايا أخرى لغوية وفكرية وفنية كثيراً ما طرحت دون أن تجد إجابات شافية. فنترككم مع إجابات بلغة "تشومسكي"ذات الأبعاد المتعددة والفكر المتعمق لتحليل الأحداث.


ـ في البداية نود معرفة ما هو الجديد بخصوص رسالتك الأخيرة الموجهة بصوت عال وواضح إلى منظمي حركة "وول ستريت"الاحتجاجية التي اعتبرها البعض مساندة قوية؟
بخصوص منظمي حركة "وول ستريت"فأنا لست بالضرورة معهم، لكن مهما كانت أحكامنا ذاتية إلا أننا نحمل نفس الهموم المشتركة .

الربيع العربي له أهمية تاريخية

وماذا عن الربيع العربي؟
هذا موضوع واسع جداً، و إجابة مقتضبة لا تفيه حقه من التحليل لذلك أنا في خشية من أمري،  وباختصار أعتقد أن الربيع العربي يمثل تطوراً ذا أهمية تاريخية، فهو ضمن هذا المفهوم على الأقل استطاع أن يزلزل أسس بعض الأنظمة الديكتاتورية، و يمكن بذلك أيضاً أن يفتح مجالاً واسعاً للتخلص من التبعية التاريخية للقوى الغربية، فأمريكا الجنوبية قامت بذلك منذ حوالي عشر سنوات، ونتائج التغيير مجسدة الآن، وفي تونس ومصر أيضا لكن بشكل لا يزال محدوداً على اعتبار أن هناك العديد من العوائق التي  ما انفكت  تقف عقبة في طريق التغيير الحاسم، وأعتقد أن هناك مزيداً من القول حول كل حالة على حدة.

أمريكا وإسرائيل لا تشجعان الديموقراطية في البلدان العربية

ثمة سؤال ملح تطرحه أوساط عربية متخوفة مما يحدث، ومضمونه هو أن أمريكا وإسرائيل والغرب عموماً هم الذين يقفون خلف الربيع العربي، فما هي وجهة نظركم حول هذا الطرح؟
لقد سبق وأن كتبت حول هذا الموضوع، فأنا أعلم بأن هناك إشاعات تذهب إلى القول بأن الولايات المتحدة تسعى إلى تشجيع الربيع العربي لكنني أعتقد أن العكس هو الصحيح، إن الولايات المتحدة تخشى مثل هذه التحولات وتوظف كافة الوسائل الممكنة للحيلولة دون تحقيق ذلك وهذا بدعم الأنظمة الموالية لأطول فترة ممكنة، وحين تفشل في هذه المهمة فإنها تحاول ترميم الأنظمة القديمة قدر الإمكان، إنها إجراءات معتادة  تطبق في مثل هذه الظروف بمختلف مناطق العالم و بالتالي فإن آخر شيء تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها هو تطبيق الديموقراطية في الدول العربية.

الكاتبة نعومي وولف تؤكد في كتابها "نهاية أمريكا"أن بلد العم سام مهدد فعلاً بالسقوط على إثر غياب القيم الديموقراطية التي تأسست عليها، فما هو رأيك حول هذا الموضوع؟
لست متأكداً أنني فهمت قصدك، تريد أن تقول أن الولايات المتحدة مهددة بالسقوط جراء غياب القيم الديمقراطية (التي بالتأكيد لم يتم تأسيسها؟).

لقد قالت"وولف"بأن الولايات المتحدة مهددة بالسقوط  لأن الساسة الأمريكيين قد تخلوا عن القيم الديمقراطية  التي تأسست عليها الولايات المتحدة(بلد العدالة والحرية).
استناداً إلى معايير القرن الثامن عشر كانت الولايات المتحدة تعد رائدة في تجسيد القيم الديمقراطية، وليس مقارنة بالمعايير المعاصرة،  فهذا أكيد، لقد أظهرت دورة القيم الديمقراطية على مر العصور تقدماً وتراجعاً، كما أن هناك عدة أبعاد في هذا المجال، وأشير فقط  ضمن هذا السياق إلى أنني لا أعرف جيدا قصدك أنت (أو هي) من وراء مفهوم "سقوط "الولايات المتحدة، إنها مسألة معقدة، وقد كتبت حول هذا الموضوع (وكتب غيري أيضاً) ولا أتصور أن تصريحاً بسيطاً يكفي لتحديد جوهر هذه القضية.

إن المقصود بالسقوط حسب فهمي لكلام السيدة وولف هو إمكانية تراجع مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وترك المجال لحلول قوى أخرى مكانها على غرار الصين مثلاً.
إن الولايات المتحدة قد تراجعت كقوة عظمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث بلغت قوتها وتطلعاتها الذروة، وفي السبعينيات من القرن المنصرم بلغ هذا التراجع حدوداً معتبرة، وما يحدث يعد شيئاً طبيعياً فالعالم صار اليوم أكثر تنوعاً، وعلى صعيد آخر نقول أن الصين بالفعل حققت معدلات تنموية مذهلة، لكن هذا البلد فقير جداً من حيث الموارد وهو في مواجهة مشاكل هائلة، وبالتالي فالصين ليست قوة عظمى محتملة، وإن حدث ذلك فلن يدوم لفترة زمنية طويلة.

انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة خطوة إيجابية لن تسمح بها الولايات المتحدة

هل تعتبر قبول فلسطين مؤخراُ في عضوية الأمم المتحدة خطوة هامة وإيجابية من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وباعتبارك مدافعاً عن القضية الفلسطينية ما هي توقعاتك الإستراتيجية لمستقبل هذا البلد في ظل استمرار المحتل الإسرائيلي في تعنته السافر من خلال مواصلته بناء مزيد من المستوطنات؟
ستكون خطوة إيجابية طبعاً غير أن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك، ومن جهة أخرى فإن استمرار بناء المستوطنات غير الشرعية على الأراضي المحتلة سيقوض أي أمل للتوصل إلى حل سلمي ودبلوماسي للنزاع القائم.

لقد كتبت بالكثير من الهمة و الشجاعة عن مسؤولية المثقفين، كيف تفسر الخطاب المزدوج لعدد من المثقفين الغربيين إذ على سبيل المثال عادة ما تلاحظ هؤلاء المثقفين يتحدثون بلغة معتدلة وحكيمة حين يتعلق الأمر بالمشاكل الداخلية لبلدانهم، بيد أنهم فجأة يتحولون إلى العدوانية وحتى العتصرية عندما يتحدثون عن مشاكل دول أخرى سيما منها البلدان النامية؟
في الحقيقة  نحن نجد عبر كافة أطوار ومراحل التاريخ أن قطاعات المثقفين تميل في العادة إلى أن تكون سنداً مناصراً للحكام، أما القطاعات الأخرى التي تكون في العموم  بسيطة وعادية فهي التي تبادر إلى إدانة الجرائم التي يقترفها الأقوياء وأصحاب النفوذ ولذلك فإنها تهمش في أحسن الأحوال أو حتى تخضع لعقاب شديد أحياناً، وجواباً على الشق الثاني من سؤالك أقول بالفعل إن مهمة إدانة جرائم الآخرين سهلة جداً، وهذا ربما في الحالة المذكورة قد يكون أمراً محبطاً لكنه غير مستغرب على الإطلاق.

السينما الأمريكية لازالت تصور العرب كإرهابيين، ألا ترى بأن هذا النوع من الدعاية العنصرية يزرع  الحقد والضغينة بين الشعوب؟
هذا صحيح وقد استمرت على هذا النهج لسنوات طويلة، وأعتقد أن  السيد جاك شاهين كتب عن هذا الأمر بتوسع.

اللغة العربية قادرة على مواكبة التقدم العلمي والحرف العربي ليس عائقاً

يتميز التراث العربي بثراء كبير في مجال الدراسات اللغوية هل استفدتم من هذا التراث؟، و ثمة سؤال آخر أجده ضرورياً ضمن هذا السياق، وهو بشأن الست آلاف لغة المنتشرة حالياً في العالم والتي تمثل تهديداً جدياً جراء الانتشار غير المعهود للغة الإنجليزية - برأيكم - كيف لنا أن نحافظ على هذا التراث الإنساني؟
لقد درست القواعد العربية الكلاسيكية (سيبويه وآخرين) منذ ستين سنة، وحتى قبل ذلك عندما درست قواعد اللغة العبرية الوسطى والتي اقتبست من القواعد العربية، و أجد أنه من الصعب تتبع هذه التأثيرات الخاصة بالتراث العربي.
من جهة أخرى، فإن الذي يريد أن يحافظ على التراث اللغوي الإنساني فليفعل ذلك، هناك لغات تم إحياؤها على غرار لغة الباسك، وهناك حالة مذهلة للغاية مثل حالة لغة قبيلة الوامبانووغ "Wampanoag"التي لم يعد أحد يتحدث بها منذ مائة سنة، لكن تم إحياؤها من جديد على يد مجموعة من الباحثين بمعهد "ماساتشوستس"للتكنولوجيا وذلك بالتعاون مع أحد أفراد هذه القبيلة تدعى جاني ليتل دوي Jennie Little" Doe"وهي من المتحدثين الأصليين  لهذه اللغة إضافة إلى أفراد آخرين من ذات القبيلة، وهناك شريط وثائقي مهم أعد خصيصاً في هذا المجال من طرف الباحثة آن ماكابيس "Anne Makepeace".

هل صحيح أن اللغة العربية غير قادرة على مواكبة التقدم العلمي ؟
لا، بل هي قادرة هي الأخرى على مواكبة التقدم العلمي شأنها في ذلك شأن غيرها من اللغات .

هناك لغويون عرب يطالبون منذ مطلع القرن العشرين بتغيير الحروف العربية على غرار ما فعل  الأتراك الذين  اختاروا بدل الحرف العربي الحرف اللاتيني لأن ذلك حسب اعتقادهم سيحقق لهم التقدم المنشود، لكن حسب دراستي للغة اليابانية فإن اليابانيين للآن يستعملون أربع أبجديات مختلفة في الكتابة (الهيراغانا، الكاتاكانا، الكانجي والرومانجي) وضمن نص واحد وهي  كما تعلم أبجديات صعبة للغاية ورغم ذلك فإن الشعب الياباني متقدم جداً على شتى المستويات، ما تعليقك سيدي ؟
اليابانيون يعيشون في توافق تام مع أبجديتهم وكذلك الصينيون، إن الأبجدية العربية ليست عائقاً أمام تقدم العالم العربي، وبالنسبة للتهجئة التقليدية في اللغات السامية فإن حذف حروف العلة فعال جداً، لكن في العموم توجد هناك حول هذه القضية حجج مؤيدة ومعارضة .

هناك أيضاً من يطالب بإحلال اللهجة العامية في مجال التدريس كبديل عن اللغة العربية الفصحى، علماً بأن اللهجات العربية فقيرة جداً من حيث المصطلحات فما هو رأيكم سيدي بخصوص هذا الطلب؟
لقد سبق لي وأن سمعت بمثل هذه المطالب لكنني أشك في جديتها وهي بالنسبة لي غير واضحة وبالتالي فإنني لا أرى ما هو غير واضح.

ثمة ظاهرة عالمية أضحت منتشرة بقوة في الوقت الراهن وهي تتعلق بتراجع معرفة الشباب للغتهم الأم، حيث صاروا يلجؤون إلى استعمال لغة تخاطب مختزلة ومشوهة في مواقع التواصل الاجتماعي وكذا في اتصالاتهم الهاتفية (الرسائل الالكترونية مثلاً ) ألا يعد ذلك تهديداً محتملاً لمستقبل اللغات؟
أنا على دراية بأن مثل هذه التصرفات من الشباب محل احتجاج  ومعارضة الكثير، غير أنني إلى غاية الآن لم أصادف أي دليل يؤكد صحة مثل هذه المخاطر والتهديدات المحتملة.

سيرة غير عادية

البروفيسور أفرام نعوم تشومسكي من مواليد 7 ديسمبر 1928 بفيلاديفيا (بنسلفانيا ، الولايات المتحدة الأمريكية) وهو من أسرة مهاجرة قدم أفرادها من أوكرانيا وروسيا البيضاء ، ليستقروا أولاً في نيويورك قبل أن يشدوا الرحال مجدداً ويختاروا فيلاديلفيا مقراً لإقامتهم.
 
وبعد مسيرة دراسية ناجحة عين تشومسكي أستاذاً للغويات مدى الحياة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (درس به أكثر من 50 سنة)، وله اسهامات عظيمة في البحوث اللغوية صنفته "أب اللسانيات الحديثة"كونه صاحب نظرية النحو التوليدي التي أحدثت ثورة في البحوث اللغوية النظرية في منتصف القرن العشرين، كما أنه مؤسس ما صار يعرف حاليا بتراتبية تشومسكي  في تصنيف اللغات، وهو بالإضافة إلى ذلك مفجر الثورة الإدراكية في علم النفس، إذ كانت بحوثه سبباً في مراجعات جذرية غير مسبوقة منذ الخمسينيات، ناهيك عن التأثير العميق الذي أحدثته بحوثه في مجالات الفلسفة العقلية  واللغوية والرياضيات والتاريخ والإعلام الآلي، ولم يكتف تشومسكي بكل هذه الفتوحات العلمية المدهشة إذا جاز لنا التعبير، حيث خاض بشجاعة غير عادية في ميدان النضال السياسي منتقداً بشدة السياسة الداخلية والخارجية لبلده أمريكا، وله في هذا الخصوص مواقف جليلة في الدفاع عن القضايا الإنسانية (معارضته لحرب الفيتنام ) وكذا العربية والإسلامية وفي طليعتها  القضية المحورية فلسطين ضمن صراعها الأزلي مع المحتل الإسرائيلي، رغم أنه يهودي الديانة !
 
ألف نعوم تشومسكي في مسيرته العلمية الحافلة بالإسهامات المدهشة أكثر من 100 كتاب تم ترجمتها إلى جميع اللغات العالمية ووزعت منه ملايين النسخ، وقد عد الرجل المرجع العلمي رقم واحد ما بين سنوات 1980 و1992، والثامن في التاريخ العالمي،وفي استطلاع للرأي أجرته عام 2005  المجلة البريطانية Prospect، والمجلة الأمريكية  Foreign Policy.

احتل المرتبة الأولى كأعظم مفكر على قيد الحياة !، فضلاً عن ذلك حصل البروفيسور تشومسكي على أكثر من 30 دكتوراه فخرية وأعلى الشهادات التقديرية والتكريمية من هيئات وجامعات عالمية معروفة، إضافة إلى جوائز من الدرجة الأولى على غرار جائزة كيوتو التي نالها عام 1988 وهي تعادل من حيث قيمتها الرمزية والمادية جائزة نوبل.

كما نال جائزة أورويل الأمريكية مرتين  وميداليات سامية مثل ميدالية  بنجامان فرانكلين و هيلمهولتس،  وحالياً هو عضو في أشهر الأكاديميات العلمية في العالم  وسنكتفي بما ذكرناه من سيرة هذا العلامة  التي لا تحيطها مثل هذه المساحة الصغيرة  مع العلم أن كتباً عديدة تناولت سيرته بإسهاب وتفصيل وقد صدرت في مختلف أنحاء العالم .

الدكتورة عصمت الميرغني أول رئيسة حزب مصرية لـ "عربيات": لن أخوض الانتخابات الرئاسية

$
0
0
في يوم المرأة العالمي وجهت رسائلها للمرأة السعودية والمصرية

الدكتورة عصمت الميرغني أول رئيسة حزب مصرية لـ "عربيات": لن أخوض الانتخابات الرئاسية

عربيات - القاهرة: محسن حسن

صاحبة سجل حافل بالمشاركات السياسية والقانونية، خاضت العديد من المعارك الخاصة على المستوى الاجتماعي والإنساني والنسوي حتى تصل إلى تحقيق ما تصبوا إليه من إثبات الجدارة والاستحقاق للمرأة المصرية والعربية، ومن خلال سيرتها الذاتية الحافلة يستطيع المتأمل إدراك ما بداخل هذه السيدة من عنفوان الإنجاز، ونشوة التحدي والاستمرار؛ فقد قاومت محاولات أسرتها لإثنائها عن إكمال تعليمها حتى حصلت على ليسانس الحقوق وانطلقت من مهنة المحاماة لتحتل مكانتها المتميزة في الدفاع عن حقوق الإنسان، ولكي تكلل جهودها عبر سلسلة من النجاحات بتأسيس ورئاسة اتحاد المحامين الآفروأسيوي، ولتصبح واحدة من المحكمات الدوليات المشهود لهن بالكفاءة والخبرة في المجال الحقوقي والإنساني من خلال مكتبيها في باريس وروما وأيضاً من خلال رئاستها لمركز التحكيم الدولي بالدوحة وعضويتها باتحاد المحامين الدوليين بـ لندن. ورغم تميزها ونجاحها لم تغفل يوماً عملها الخيري والإنساني؛ حيث أسست وترأست جمعية "بنت مصر"للأيتام والتي حظيت مؤخراً بلقب أفضل جمعية لرعاية الأيتام في العالم، ومؤخراً نجحت في تحقيق حلمها بتأسيس أول حزب مصري برئاسة نسائية "الحزب الاجتماعي الحر"وهو الحلم الذي ظلت تعمل على تحقيقه منذ العام 2007 إلى الآن حيث تم اعتماده من لجنة شئون الأحزاب في مصر، لتصبح أول رئيسة حزب  مصرية.

إنهاالدكتورة عصمت الميرغنيالتي خصّت عربيات بهذا الحوار الذي لا يخلو من صراحة وجرأة.


منذ أيام احتفى العالم بالمرأة في يومها العالمي فكيف استقبلت هذا اليوم؟ وماهي رسالتك فيه للمرأة العربية؟
أستقبلته بأمنية دائمة ورغبة حقيقية في أن تظل المرأة كائناً خلاقاً مبدعاً قادراً على تحقيق ذاته وحياته جنباً إلى جنب مع الرجل، وألا تكون مجرد تابع تحت عباءته. أما رسالتي فهي تتعلق بحقوق المرأة الواجبة، وهي رسالة أكررها دائماً وأهمس بها في أذن كل امرأة عربية تبحث عن ذاتها، فأقول "ما ضاع حق وراءه مطالب".

ما طبيعة علاقتك مع المرأة السعودية؟
علاقة طيبة للغاية خاصة مع سيدات الأعمال، فالحقيقة أبهرتني سيدة الأعمال السعودية بحضور عقلي متميز ومهارات إدارية عالية، مما رسخ قناعتي بأن المرأة السعودية حريصة على تطوير عالمها بشكل مدروس ومتدرج، وبأنها قادرة على تجاوز أية معوقات تقف في طريق نهضتها وتميزها.

بصراحتك المعهودة، ما الذي ينقص المرأة السعودية بشكل عام؟
أن تكون أكثر ثقة بنفسها، وأن تعتمد على نفسها أكثر من اعتمادها على الرجل، فهي جديرة بان تحقق المزيد من العطاء والإنجاز في ظل تلك الثقة المطلوبة، وليس في ظل تواكلها إلى جانب الرجل. 

 

إهمال الأبناء ليس ثمناً لتحقيق المرأة ذاتها

يردد البعض أن المرأة العربية انشغلت بمنافسة الرجل على حساب مسؤوليتها تجاه بيتها وأبناءها، فهل تتفقين مع هذا الرأي؟
لا أتفق بالطبع، لأن من يردد ذلك هدفه تحجيم المرأة وتحجيم دورها ككائن مبدع قادر على الإنجاز والعطاء مثله مثل الرجل، وليس بالضرورة أن يكون إهمال التربية هو النتيجة المترتبة على تحقيق المرأة ذاتها، والدليل أن كثيرات جمعن بين الإبداع في التربية والإبداع في غيرها من مجالات التنافس العلمي والتقني وغيره.

ولكن كيف تقيّمين الصراع القائم الآن بين المرأة والرجل في مختلف المجالات؟
هو ليس صراعاً بقدر ماهو منافسة شريفة ولكن غير متكافئة في مجملها، لأنها تفتقد الكثير من مفردات إنصاف المرأة، ولعل هذا هو ما يثمّن جهودها ويدعو لاحترامها، باعتبار أنها غالباً في الموقف الأضعف قياساً بالرجل، ومع ذلك تتفوق عليه أحياناً كثيرة.

 

السيطرة الذكورية تضر بالرجل و المرأة

ما الذي تتحفظين عليه بشأن معاملة المجتمع الشرقي للمرأة؟
ميل المجتمع الشرقي إلى السيطرة الذكورية وتقليص دور الأنثى في الحضور والعطاء مقارنة بدور الرجل، وكأن التفكير والإبداع والابتكار كلها مجالات رجولية لا نسوية، وهذا فيه ظلم كبير للمرأة بالطبع، ويقف حائلاً دون تحقيق المرأة لطموحاتها وأحلامها المشروعة، كما أن فيه إضرار بالرجل نفسه.

 

سياسياً، أقول للمرأة الإصرار على النجاح هو النجاح بعينه

في رأيك هل حققت المرأة العربية ذاتها على المستوى السياسي؟
إلى حد ما، فهي شاركت في كل الثورات العربية بجدية وفاعلية، وكانت لها نكهتها الثورية الخاصة. لكني أقول إن فاعليتها السياسية لا زالت نسبية وتحتاج منها إلى الإصرار حتى تصبح ذات تأثير قوي بين الأحزاب والقوى اللاعبة في مسرح السياسة قانونياً وتشريعياً، وعموماً الإصرار على النجاح هو النجاح بعينه.

بأى رسالة تتوجهين إلى مثقفات مصر من جهة، وإلى فتيات الثورة المصرية من جهة أخرى؟
على مثقفات مصر أن يقدّمن مصلحة مصر على مصلحتهن الخاصة، وعلى فتيات الثورة المصرية أن يكنّ أكثر نضجاً وأكثر عقلانية، وأن يبتعدن عن الزج بأنفسهن فيما لا يجدي ولا يفيد.

لماذا في رأيك تزداد حدة ظاهرة التحرش الجنسي في مصر؟
لأننا ولسنوات طويلة تخلينا عن تطبيق العقد الاجتماعي الذي أمر به الإسلام، عندما تركت الدولة أجيالاً متعاقبة بلا سكن ولا عمل ولا أمل، فنحن الآن نجني ما زرعناه بأنفسنا من تقصير في حق هؤلاء جميعاً.

كيف ترين نسبة تمثيل المرأة المصرية في الدستور الجديد؟
حتى الآن أنا لا أرى شيئاً واضحاً، والانتخابات البرلمانية القادمة ستكشف عملياً عما إذا كانت المرأة المصرية سيتم تمثيلها بالشكل المطلوب، وإن كنت أخشى أن تتمخض الانتخابات عن مجرد "كوتة"للمرأة، من وجهة نظري عدمها أفضل من وجودها. وعموماً أنا متحفظة جداً على موقف المرأة المصرية من المشاركة السياسية، فقد حدث نوع من الانكماش لدورها السياسي بفعل تقوقعها على نفسها بعد الثورة، وهو ما ينذر بتراجع كبير لمكانتها وموقعها.  

 

المملكة ومصر، شراكة في الجوار والمصير

هل سبق لك زيارة المملكة العربية السعودية؟
نعم زرتها بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وكان ذلك في مؤتمر "حقوق الإنسان في السلم والحرب"، بخلاف زيارات خاصة لأداء مناسك الحج والعمرة.

ما رأيك في  العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة العربية السعودية، حالياً ومستقبلاً؟
بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك تعرضت العلاقات لنوع من الانكماش النسبي، لكن بمرور الوقت أخذت في التعافي، وعموماً تبقى أبداً السعودية لمصر، وتبقى مصر للسعودية، فهما شريكان في الجوار والمصير معاً، سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل القريب أو البعيد.

وأنت متميزة في العمل الخيري، كيف ترين الدعم السعودي للمشروعات الخيرية في مصر؟
الحقيقة هو دعم متميز على مستوى المستثمرين السعوديين في مصر، لكن على المستوى الحكومي تبقى المملكة متميزة أكثر في دعم المشروع الإسلامي في الدول الغربية؛ حيث نجد لها حضوراً واسعاً في الإعلام، وهذا ما لمسته خلال زياراتي المتعددة لأمريكا وأوروبا.

 

تعميق الدور السعودي لمواجهة التمدد الإيراني

بأية عين تنظرين إلى التقارب المصري ـ الإيراني في عهد الرئيس الحالي؟
بعين الخوف والحذر والقلق، فعلاقاتنا بإيران ظلت لسنوات طويلة علاقات مجمدة وكان لدينا ما يبرر تجميد تلك العلاقات، أما الآن فقد اختلف الوضع وأصبح الإخوان على رأس السلطة، وأصبحت اليد الإيرانية بالضرورة متواجدة في مصر، وهو ما يتوجس الجميع خيفة منه. وأنا شخصياً أخشى أن يكون فتح العلاقات مع إيران كارثي بالنسبة لمصر والمصريين.

وكيف تقارنين بين الدور السعودي والدور الإيراني على المستوى السياسي في المنطقة حالياً؟
الحقيقة يبقى الدور الإيراني مشوباً بالعديد من المحاذير بالنسبة لدول المنطقة، وهو دور يتمدد وينتشر بشكل حثيث وخفي، ومن ثم يتوجب على الدور السعودي أن يكون أكثر عمقاً وأكثر اشتباكاً مع من حوله، سواء في مصر أو في دول الخليج العربي. لذا فأنا أثمّن بشدة جهود المملكة في مسار اندماجها الخليجي وأرى ذلك خطوة على الطريق الصحيح في مواجهة الخطر الإيراني. 

 

لم أخطط للريادة، وتعرضت لاستفزازات أمنية

أنت أول امرأة عربية تبادر بتأسيس حزب عام 2007 لتترأسه في العام 2013، لماذا تم رفض تأسيس هذا الحزب قبل الثورة؟  
بداية أنا لم أخطط لأكون الأولى عربياً في هذا الإطار، وكوني حققت هذا فهو يحسب للمرأة العربية في كل مكان من وطننا العربي الكبير، وقد تم رفض الحزب قبل الثورة؛ لأن مواده وبنوده الأولى التي تقدمت بها لتأسيسه عام 2007 كانت تؤصل لنظام برلماني يتيح خضوع رئيس الجمهورية للمحاكمة عند ارتكاب أخطاء، وهو مالم تتحمس له لجنة شئون الأحزاب وقتئذ. هذا بالإضافة لتربص زوجة الرئيس السابق وأعوانها بشخصي المتواضع.

وكيف تربصت بك زوجة الرئيس السابق؟
يبدو أن نجاحي الإداري في النهوض بأطفال جمعية "بنت مصر"للأيتام، وتميزي في الترويج لها عبر وسائل الإعلام المصرية قد أثار حفيظتها، ربما لأنها كانت تريد أن تبقى الوحيدة في أعين المصريين التي تهتم بالأطفال، حتى أنها أجبرتني على نزع أحد إعلاناتي المصورة مع الأطفال في الصحف لا لشيء سوى لحاجة في نفسها، وبعدها تعرضت أنا والجمعية لسلسلة من الاستفزازت الأمنية والإدارية، رغبة منهم في تحويل تبعية الجمعية إلى حرم الرئيس لكني قاومت وبشدة، وكانت النتيجة إقصائي بفعل فاعل من النجاح في انتخابات مجلس الشعب المصري عام 2004 وهكذا سارت الأمور.

 

مرجعية الحزب اجتماعية، ولن أخوض الانتخابات الرئاسية

الآن وبعد اعتماد الحزب، ما توجهاته في مصر؟
توجهات "الحزب الاجتماعي الحر"تلخصها مبادرة قمت بإطلاقها مؤخراً تهدف إلى التنافس لا التناحر، وإلى وضع أيدينا في يد الآخر، دون أن يفقدنا ذلك تميزنا وتنوعنا، فليس بالضرورة أن نتطابق، بقدر ما يجب أن نتشارك ونتعاون. وبصفة عامة حزبنا ذو مرجعية اجتماعية خدمية إلى جانب مرجعيته السياسية.

معنى هذا أنك ستنافسين أنت وحزبك في الانتخابات البرلمانية القادمة؟
نعم هذا أمر مؤكد، ونحن في هذا نختلف جملة وتفصيلاً مع ما تدعو إليه جبهة الإنقاذ في مصر من مقاطعة الانتخابات واعتبارها غير دستورية أو قانونية، لأننا ندرك أن الرئيس الحالي يملك الشرعية باعتباره جاء باختيار الصندوق الانتخابي، وهو ما يجب احترامه والتعامل معه رغم وجود خلافات في بعض وجهات النظر.

وهل يمكن أن تفكري في خوض الانتخابات الرئاسية حال إتاحة الفرصة لذلك؟
لا، لست ممن يفكرون في خوض الانتخابات الرئاسية حتى لو أتيحت لى الفرصة، لقناعتي الشخصية بأن هذا العمل لا يروق لي، ولأنني أحب أن تكون لي حياة اجتماعية بينما رئيس الجمهورية المخلص في عمله في الغالب لا تكون له حياة اجتماعية بالمعنى المتعارف عليه، لكن من الممكن أن أقبل برئاسة الوزراء مثلاً أو برئاسة البرلمان، لأن هذا مما يمكن تحمله والإنجاز ضمن إطاره. 

الرئيس المنتخب.. لا لإسقاطه، ونعم للمطالبة بالحياد والموضوعية

وأنت حقوية مراقبة لأوضاع المصريين، كيف ترين حق المواطن المصري الآن؟
المواطن المصري ليس موجوداً على خارطة اهتمام المشهد السياسي ككل، ولازالت أيدي النظام السابق تعبث بأمن وبحقوق المواطن الذي أصبح محروماً من أبسط قواعد العدل الاجتماعي والمجتمعي، ولكن الأمل قائم في تحسن الأوضاع، وأنا متفائلة دوماً.

كحزبية ومواطنة، ماذا تطلبين من الرئيس؟
أطلب منه الحياد والموضوعية في اتخاذ كافة قراراته التي تخص المصريين، وأن يعمل على إرساء مبدأ المساواة بين الجميع دون تمييز، وأن يدرك جيداً أنه رئيس لكل المصريين وليس لفصيل واحد.

في ظنك، هل ينجح الرئيس في نظام حكمه؟ أم تتوقعين إسقاطه قريباً؟
كل المؤشرات تؤكد استمرار حكم الإخوان بقيادة الرئيس محمد مرسي، ليس لقوة الحزب السياسية، وإنما لخبرتهم التنظيمية التي يفتقدها معارضوهم، خاصة لدى رجل الشارع المصري الذي استحوذ عليه الإخوان وأغفلته قوى المعارضة.

 

المعارضة أسرفت في الكلام أكثر من تركيزها على العمل

وهل لديك رؤية خاصة بشأن إعادة تنظيم قوى المعارضة والتمكين لها لدى رجل الشارع المصري؟
نعم، فهناك آليات موجودة يمكن لقوى المعارضة استغلالها لإحداث توازن في المنافسة السياسية مع الحزب الحاكم الآن، ومن ضمن هذه الآليات ما اقترحته من إحكام القبضة على التكتلات الشعبية في مصر عن طريق تطبيق فكرة "التكايا"في قرى مصر ونجوعها لإطعام واستضافة العوام لتبصيرهم بالرؤى السياسية والحزبية، ومواجهة التغلغل الإخواني داخل عقولهم، كما أن هناك آليات أخرى تتمثل في تكاتف بعض الشرائح المصرية من الأقباط والأشراف والصوفية وغيرهم ممن يمثلون أكثر من 20 مليون ناخب، وبمثل تلك التكتلات في رأيي يمكن منافسة الإخوان.

بعض القوى الليبرالية تركز على النقد الجارح لشخص الرئيس، هل تؤيدين ذلك؟
بداية لا أحد فوق النقد، إذا كان النقد بناءاً وهادفاً وبعيداً عن التجريح الأخلاقي، وإن كنت أرى أن النقد الحالي لا يعدو عن كونه مباريات كلامية لا تحرك فعلاً ولا تبني هرماً، بل تثير البلبلة في الشارع المصري وتؤدي إلى مزيد من الضحايا، وإذا كانت هذه هي الليبرالية فلنقل على الليبرالية السلام.

كيف تنظرين لعلاقة قوى المعارضة بالإعلام في مصر؟
بعد الثورة أصبح الإعلام في مصر يعاني من التناقض الشديد والعشوائية في كثير من الأحيان، حتى أصبح المواطن المصري يعاني مما يمكن تسميته بـ "ثرثرة إعلامية فارغة"نتيجة التركيز على الإثارة وإشعال المواقف التافهة بغض النظر عن النتائج. وبالنسبة للمعارضة أرى أنها أسرفت في الكلام أكثر من تركيزها على الفعل والتطبيق العملي على أرض الواقع. وعلاقتها بالإعلام وعلاقة الإعلام بها هو استغلال متبادل.

متى في رأيك تنتهي حالة الكر والفر بين السياسيين في مصر؟
أي ثورة تحدث أو حدثت في العالم لابد لها من تضحيات، وهو ما يحدث الآن في المشهد السياسي المصري، ولكي تستقر الديمقراطية في مصر فلابد لها من سنوات وسنوات، خاصة مع تواجد الأمية العلمية والسياسية والحزبية لدى شرائح وعوام المصريين. وفي بعض الدول المتقدمة مثل فرنسا وغيرها لم تستقر الديمقراطية إلا بعد ثماني سنوات أو أكثر.  

 

الإنتخابات القادمة ستكشف ملامح تيارات الإسلام السياسي في مصر

في رأيك هل تلعب الجماعة السلفية دوراً ما للمنافسة على الحكم في مصر مستقبلاً؟
مصر أصبحت ساحة تنافس سياسي كبير بعد الثورة، وحالياً يوجد توافق نسبي بين التيارات الإسلامية في مقابل التيارات الأخرى، لكني أتوقع اشتعال المنافسة بين السلفيين والإخوان ابتداءً من الانتخابات البرلمانية القادمة، ومن ثم الانتخابات الرئاسية بعد ذلك، وهو ما سيكشف المزيد من ملامح أيديولوجيات تيارات الإسلام السياسي في مصر.  

 

من معاناتي ولدت "بنت مصر"

جمعية "بنت مصر"حصلت على أفضل دار لرعاية الأيتام في العالم، ما سر نجاح هذه الجمعية؟
السر هو مقدار ما عانيته من صعاب ومحن وشدائد مزلزلة في حياة الطفولة والحياة الأسرية والزوجية مع بناتي؛ فقد وقفت أسرتي حائلاً دون إكمال تعليمي لكنّي صممت على استكماله حتى حصلت على الليسانس من كلية الحقوق، وعندما انفصلت عن زوجي ـ رحمه الله ـ بعد عشرين سنة زواج، تخليت له عن كل الحقوق مقابل الاحتفاظ بتربية بناتي كنت مصرة على الاحتفاظ بهن. فقد عرفت معنى معاناة الصغار وأردت أن أساهم في تخفيفها، وأن أسعى بكل طاقتي لإسعاد هؤلاء الأيتام وجعل حياتهم أفضل.

ما طبيعة نشاط اتحاد المحامين الآفرو-آسيوي لحقوق الإنسان وأنت رئيسة له؟
هذا الاتحاد يضم أقطاب المحامين في قارتى إفريقيا وآسيا، ويعمل وفق بنود تتيح له مقاومة أى انتهاك للإنسان والإنسانية في هاتين القارتين، وهي بنود مشابهة لما ورد من بنود في مؤتمر "باندونج" 1955م، ومن خلال هذا الاتحاد استطعنا تقديم العديد من الخدمات الماسة والملحة للعديد من المهمشين ولعل مكافحة ظاهرة تجارة الرقيق والأعضاء من أبرز ما قدمه هذا الاتحاد من أعمال.

في الختام هل من كلمة أخيرة لمجلة "عربيات"؟
أشكر كل القائمين على المجلة، وأعتز بحوارها، كما أعتبر اهتمامها بالتواصل مع المرأة العربية نوعاً من الدعم والتحضر والرقي، وهو أولاً وأخيراً يدل على ما تتمتع به المملكة من آفاق إعلامية رحبة ومستقبلية لكل العقول السعودية الواعدة. 

رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور علي لطفي: منطق أهل الثقة قبل أهل الخبرة لا يصلح لإدارة أزمات الدولة

$
0
0
في قراءة للمؤشرات الاقتصادية والسياسية

رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور علي لطفي: منطق أهل الثقة قبل أهل الخبرة لا يصلح لإدارة أزمات الدولة

عربيات - القاهرة: محسن حسن

يعدالدكتور علي لطفيمن الوجوه السياسية والاقتصادية البارزة في الساحة المصرية والعربية، فبالإضافة إلى كونه خبيراً متميزاً في مجال التجارة والاقتصاد وإدارة المنشآت الاقتصادية، هو أحد أبرز الشخصيات المصرية المعاصرة والمشاركة بقوة وفاعلية في تشكيل الواقع السياسي المصري، فقد كان شاهداً بكراً على فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، كما كان وزيراً للمالية في عهد الرئيس أنور السادات وعضواً بارزاً وشريكاً مقرباً في اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. 

شغل عدة مناصب في عهد الرئيس السابق حسني مبارك  كان أولها منصب رئيس الوزراء في الفترة من 4 سبتمبر 1985 إلى 9 نوفمبر 1986، ثم رئيساً لمجلس الشورى حتى عام 1989. ويحتل الدكتور علي لطفي مكانة متميزة في قلوب المصريين لمواقفه الواضحة دائماً ولحرصه الشديد على نزاهته الشخصية وعدم التورط في شبهات الحكم ودهاليزه الخفية. "عربيات"التقت رئيس وزراء مصر السابق في مكتبه بحي الدقي بالقاهرة، وناقشته في قضايا عديدة حول الواقع المصري والعربي والدولي. 


 

العلاج بعودة الأمن والاستقرار السياسي وترشيد نفقات الحكومة

بداية.. هل سقطت مصر اقتصادياً؟
لا، لم تسقط مصر اقتصادياً، ولم نصل بعد إلى حد السقوط في الهاوية "أي الإفلاس"، ولسنا حالة ميئوس منها، وليس الاقتصاد المصري مريضاً محكوماً عليه بالوفاة، ولكن الوضع الاقتصادي في مصر حالياً صعب وخطير. 

ما مؤشرات خطورة هذا الوضع الاقتصادي؟
عجز كبير ومتزايد في الميزان التجاري، ومثله في ميزان المدفوعات، وذات الشيء في الموازنة العامة للدولة، كل هذا مع تناقص احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، وزيادة معدلات البطالة وارتفاع المستوى العام للأسعار، وتوقف شبه كامل للسياحة، وإغلاق ما يقرب من أربعة آلاف مصنع.

كاقتصادي كبير، هل توجد بدائل متعارف عليها لإنقاذ اقتصاد مقبل على الانهيار؟
بالتأكيد توجد بدائل، لكنها مرتبطة بالمناخ العام في أي دولة، وإذا كنا نتحدث عن مصر؛ فالبدائل متمثلة في أمور منها عودة الأمن، وتحقيق الاستقرار والتوافق السياسي، وتطوير النظام الضريبي، ثم ترشيد النفقات الحكومية بما لا يقل عن 20% ، وأخيراً ترشيد الدعم، والذي بلغ حوالي 140 مليار جنيه في موازنة مصر، ومتوقع له أن يصل إلى 200 مليار في نهاية السنة المالية الحالية. مع السعي الجدي لاسترداد الأموال المهربة والتصالح مع رجال الأعمال.

وكيف يتم ترشيد الدعم من وجهة النظر الاقتصادية؟
بأمرين هما؛ ضمان وصول الدعم لمستحقيه، وضمان عدم وصول الدعم لغير مستحقيه. 

في رأيك هل يلعب الاستيراد العشوائي دوراً ما في أزمة الاقتصاد المصري؟
بالتأكيد، ولابد من إصدار قرار بترشيد الاستيراد الخارجي وبمنع استيراد السلع الكمالية والترفيهية. 

ولكن منظمة التجارة العالمية بجنيف تمنع من تقليص حجم الاستيراد الخارجي؟
هذا ما يستند إليه البعض على سبيل الخطأ؛ فبنود اتفاقية التجارة تؤكد أحقية أي دولة تواجه عجزاً في ميزان مدفوعاتها أن تقلص حجم الاستيراد الخارجي.

هل ترى أزمة التهرب الضريبي في مصر مؤخراً أزمة مسيّسة؟
هذه أزمة قديمة ولا علاقة لها بالنظام الحالي، وللأسف الشديد فإن من المصريين مَن يفتخر بنجاحه في التهرب الضريبي مردداً أنه "ضحك على الحكومة"وهو في الحقيقة يتسبب في سقوط اقتصاديات بلده بالتحايل على القانون.
 

سقوط النظام السابق بسبب افتقاد العدالة في توزيع الدخل القومي

 من وجهة نظرك هل توجد خطيئة اقتصادية كبرى ارتكبها نظام مبارك في حق الاقتصاد المصري؟
نعم توجد خطيئة كبرى هي عدم تحقيق العدالة في توزيع الدخل القومي؛ فمعدل النمو الاقتصادي كان مرتفعاً وتعدى نسبة 7% في عهد مبارك، ولكن انتفت العدالة في توزيع ثمرة التنمية، وإذا حسبنا هذه النسبة سنجدها تقدر بـ 60 مليار جنيه زيادة في الدخل القومي سنوياً، كان يحصل عليها عدد محدود جداً من الأفراد ويحرم منها الفقراء ومحدودي الدخل والطبقة المتوسطة. وكان ذلك سبباً في قيام الثورة وسقوط النظام.

لكن هل تعرضت ميزانية مصر لعبث ما أدى إلى انتفاء العدالة في توزيع الداخل القومي؟
ليس عبثاً بمقدار ما هو تفضيل لقطاع على آخر أو نشاط على غيره، فالقوات المسلحة والشرطة والقضاء والإعلام والخارجية هي جهات سيادية يسأل عنها رئيس الجمهورية، وهؤلاء بالطبع يحصلون على الجزء الأكبر من "الكعكة"وبالتالي لا يتبقى شيء للتعليم وللصحة وللنقل وللموانيء وللمطارات ولخدمة الناس، وهذا من الأخطاء التي كانت سائدة لدى كل الأنظمة في العهد الماضي. 
 

قطاع السياحة مرهون بالاستقرار، وهو الأكثر قدرة على دعم الاقتصاد المصري

كانت لك بعض الاعتراضات على بنود المشروع الأخير للصكوك في مصر، ما أوجه هذا الاعتراض؟
بداية، اعترضت على وصف الصكوك بـ "الإسلامية"لأنه لا يوجد شيء اسمه صك إسلامي وصك غير إسلامي، إنما يمكن اعتبارها صكوك تتفق مع الشريعة الإسلامية. اعترضت كذلك على وصفهم الصكوك في مشروع القانون بـ "السيادية"، وقلت إنها ليست سيادية لأن القطاع الخاص يمكنه إصدارها. وفي النهاية استقروا على تسميتها بـ "الصكوك"فقط دون كلمتي إسلامية وسيادية، وهذا هو في اعتقادي ما أجازه مجلس الشورى المصري بعد مناقشاته الأخيرة. 

لكن كيف ترى الفلسفة الاقتصادية لمقترح الصكوك؟
في الاقتصاد يوجد ما يسمى بـ "أدوات التمويل"، فالسهم أداة تمويل، والسند أداة تمويل، وأذون الخزانة أداة تمويل، والصكوك كذلك ما هي إلا أداة تمويل، والصكوك كأداة لا تغني عن الأدوات الأخرى المذكورة قبلها، لكن تختلف الصكوك هنا في ربطها بموافقة هيئة شرعية سيتم تكوينها من كبار رجال الدين عند الرغبة في إصدار نشرة صك من تلك الصكوك لأحد المشروعات بحيث تقر الهيئة موافقة أو عدم موافقة مشروع الصك لمنطلقات الشريعة الإسلامية.

في رأيك ما القطاع الاستثماري في مصر الذي يمكنه إنعاش باقي القطاعات الاقتصادية؟
أعتقد أنه قطاع السياحة، لأنه سيحل أولاً مشكلة النقص في احتياطي مصر من النقد الأجنبي، ثانياً لأن قطاع السياحة من أسرع القطاعات قدرة على استئناف العمل بمجرد تهيئة المناخ له، ومن ثم فبمجرد استقرار الأمن تبدأ السياحة في دعم الاقتصاد القومي، وثالثاً لأن القطاع السياحي المصري يعمل فيه ما لا يقل عن 4 مليون سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو أخيراً قطاع متكامل الأدوات والهياكل والأنماط.

على أي شيء يمكن للمواطن المصري أن يراهن اقتصادياً في المرحلة الراهنة؟
على الأمن والاستقرار السياسي، فإذا ما تحقق هذان الأمران فإن مصر ستقفز اقتصادياً بمعدلات تفوق نسبة الـ 7% وبالتالي يشعر هذا المواطن بالتغيير الحقيقي على المستوى الاقتصادي. 
 

البترول وحده لا يكفي، والتكتلات الاقتصادية والسياسية مطلوبة 

وأنت خبير اقتصادي، هل هناك أنماط اقتصادية بعينها تناسب المواطن العربي دون غيرها؟
المسألة ليست قضية أنماط ، إنما هناك أمران أساسيان يجب مراعاتهما؛ الأمر الأول ـ وهذا ناقشت فيه الإخوة العرب كثيراً لكن للأسف لم يستجب أحد ـ وهو أهمية عدم الاعتماد على البترول بصفة أساسية وبشكل مبالغ فيه، فبعض الدول العربية تعتمد على البترول بنسبة  80% وهذا أمر خطير وغير مضمون، لأن أسعار البترول يمكن أن تنخفض فجأة وبشكل كبير، كما يمكن أن يتم اكتشاف بديل للبترول وهذا وارد جداً بل حدث، ومن ثم يصبح الاقتصاد مهدد. الأمر الثاني وهو ضرورة الالتفات لأهمية تحقيق وإنجاح التكامل الاقتصادي العربي، وليس من المعقول أن تنجح أوروبا ونفشل نحن الذين بدأنا قبلها منذ العام 1945 أيام الجامعة العربية، فقد بدأوا السوق الأوربية المشتركة بـ 6 دول، تطورت إلى الاتحاد الأوروبي بـ 27 دولة، ثم العملة الموحدة بعد ذلك.. أين نحن من كل هذا؟!.

كيف ترى بوادر السعي إلى الاندماج الخليجي في كيان واحد؟
الحقيقة لا تزال الأمور غير واضحة بعد، ولا يزال هناك تخوّف ما لدى البعض تجاه هذا الاندماج، وهو تخوف ليس له ما يبرره على الإطلاق، لأن التكتلات الاقتصادية والسياسية مطلوبة بقوة في الوقت الحاضر لإحداث دور فاعل في كل الاتجاهات.

 

حجم الاستثمارات الخليجية ضئيل بسبب المخاوف

هل أنت راض عن وتيرة ضخ الاستثمارات الخليجية في المنطقة العربية قياساً بضخها في أوروبا وأمريكا؟
بالطبع لا، فما يتم استثماره من أموال عربية داخل المنطقة العربية حوالي 10%، وهذا معناه وبشكل عكسي أن 90% من أموال العرب تستثمر في أوروبا وأمريكا، وهذا وضع غير طبيعي، والحقيقة أن الدول العربية أولى باستثماراتها من أي كيانات أخرى غير عربية. 

لكن ما السر في هذه الظاهرة؟
أولاً عدم وجود إرادة سياسية واقتصادية، ثانياً لا يزال هناك تخوّف قائم بين الدول العربية، خوف من تأميم الاستثمارات والأموال أو مصادرتها لأمر ما، وطالما الخوف وعدم الإرادة موجودان، ستظل الاستثمارات العربية بعيدة عن الوطن العربي.

هل لازلت تؤمن بجدوى الخصخصة بعدما أثارته من مشكلات مع المستثمرين العرب وعلى رأسهم المستثمر السعودي؟
يا سيدي كلمة "خصخصة"في مصر أصبحت سيئة السمعة، والواقع أنني كنت ومازلت وسأظل من أنصار الخصخصة، ليس لناحية عقائدية، ولكن لعلمي بالأرقام أن القطاع الخاص أكثر قدرة وكفاءة وإنتاجية من القطاع العام، ولأن حالات نجاح القطاع العام استثنائية، تماماً كما أن حالات فشل القطاع الخاص استثنائية، وستبقى الخصخصة هي وسيلة الإنقاذ المثلى لشركات القطاع العام الآخذة في الانهيار. 

لكن لماذا أصبحت الخصخصة سيئة السمعة في مصر؟
لأمور منها العمولات الخفية والمشبوهة، ومنها إجراءات سوء التقييم والتعامل مع معطيات الحالة الاقتصادية، وهنا العيب ليس في الخصخصة وإنما في من قام بتطبيقها، ومن ثم يجب أن نبقي على الخصخصة ولكن برجال مختلفين وآليات مختلفة ورقابة مختلفة كذلك.

 

مناخ الاستثمار في مصر مفتوح، ومشكلة القنبيط لابد أن تحل لاستعادة الثقة

المستثمر السعودي "جميل القنبيط "لا تزال قضيته مع شركة "عمر أفندي"مثار جدل كبير في مصر، كيف تقيّم موقف الدولة من هذه القضية؟
القضاء يحكم دائماً بما أمامه من أوراق، وما كان يحدث أن القضاء يقرر بطلان البيع لشركة عمر أفندي، في حين تقوم الدولة بالاستئناف على الحكم وتبدي عدم رغبتها في استرداد الأرض والشركة، وهذا ما لم يفطن إليه البعض، أن الدولة هي التي ترفض الحكم وليس المستثمر، من باب أن مشكلة عمر أفندي ليست هي الوحيدة، إنما يوجد أكثر من عشرة أحكام أخرى والبقية تأتي، وهو ما تعلم الدولة أنه يضيف عبئاً كبيراً عليها لعدم قدرتها على ضخ استثمارات جديدة، والمشكلة معقد، خاصة وأن بعض من خرجوا للمعاش المبكر من العمالة الزائدة في عمر أفندي وغيرها، حصلوا على مكافآت ترك الخدمة، وبمجرد صدور حكم البطلان تجد هؤلاء العمال واقفين على باب الشركة يطالبون بعودتهم إلى العمل، رغم عدم قدرتهم عليه ورغم حصولهم على مستحقات سابقة بلغت 30 أو 40 الف جنيه، وهو أمر لا يمكن أن يتحمله مستثمر أو يرضى به.

إذن هل من حق المستثمر السعودي أن يسترد أمواله واستثماراته؟
بالطبع لابد أن تقوم الحكومة المصرية بتسهيل حصول هذا المستثمر على حقوقه كاملة، وإلا سيفقد المستثمر العربي والأجنبي ثقته في مصر وفي اقتصادها وهو ما سيكون له آثار وخيمة على المناخ الاستثماري بصفة عامة. 

الآن، ما المجال الذي تدعو المستثمر السعودي إلى الاستثمار فيه على أرض مصر؟
كل المجالات مفتوحة أمام المستثمر السعودي، وما علينا إلا أن نهيء المجال له ليأتي باستثماراته، وأنا أعرف بعض المشروعات تجنى أرباحاً 150% سنوياً بمعنى تحصيل رأس المال في تسعة أشهر فقط، ويمكن للمستثمر السعودي أن يراهن على هذه المشروعات. 

 

فرص استثمارية في مصر ربحيتها 150% سنوياً

هل هناك نموذج معروف لهذه المشروعات المربحة؟
نعم، مشروع تصنيع أكياس تعبئة الأسمنت في مصر يحقق أرباحاً 150% سنوياً، وإذا شئت التيقن فاسأل عن "شركة  السويس للأكياس"لتتأكد بنفسك من حجم الربح المتحقق. وهناك الاستثمار العقاري؛ ففي مصر سنوياً 350 ألف حالة زواج منهم 200 ألف بالمدن تحتاج شقق سكنية ، ناهيك عن العدد التراكمي في السنوات الماضية. المجال مفتوح بقوة للمستثمر الخليجي والعربي والسعودي. 

ما طبيعة علاقاتك بالمملكة العربية السعودية؟
علاقاتي بالمملكة أقل ما يقال عنها أنها ممتازة ومتميزة، وهي علاقات قديمة ومتجددة، ولدى في مصر طلاب سعوديون أشرف على رسائلهم للماجستير والدكتوراة، وأنا أحرص سنوياً على حضور الحفل السنوي بالسفارة السعودية بالقاهرة في العيد الوطني للمملكة.

 

الفلسطينيون أضاعوا قضيتهم، واتفاقية السلام أخطأ العرب فهمها 

وأنت تعد استثناءً كرجل سياسة نجى من أخطاء الأنظمة السياسية السابقة، ما فلسفتك الخاصة التي تعاملت بها مع تلك الأنظمة؟
فلسفتي الخاصة هي عشق العلم والعمل ومراعاة القيام بما علىّ من واجبات تجاه ربي ثم تجاه الناس والوطن، وعلاقتي مع جميع الأنظمة كانت علاقة سوية وطيبة وصريحة، سواء مع السادات أو مبارك أو حتى الرئيس مرسي. 

على ذكر السادات، ما الذي حفرته تلك الفترة في ذاكرتك؟
ما حفرته تلك الفترة هو ما يتعلق باتفاقية السلام مع إسرائيل، وأنا شاهد عيان على تلك الاتفاقية، وكنت عضو الوفد المصري الرسمي الذي وقعها في واشنطن في مارس 1979، وكنت على اطلاع كامل بكل التفاصيل، بل إنني من التقيت بـ "شيمون بيريز"وتفاوضت معه بشأن مسألة التحكيم في جنيف بخصوص "طابا"فأنا على علم متكامل بقضية الصراع العربي الإسرائيلي التي هي في رأيي قضية الفرص الضائعة.

لماذا هي قضية الفرص الضائعة؟
لأن الفلسطينيين كانت تعرض عليهم فرص التسوية السياسية والدبلوماسية وكانوا يرفضونها، ثم يبدون موافقتهم بعد عدة سنوات حين تكون الفرصة ضاعت وانتهى أثرها، والدليل على ذلك أن السادات عندما دعا الفلسطينيين لفندق "مينا هاوس"للتوقيع على اتفاقية السلام رفضوا الحضور، وكان معروضاً عليهم وقتئذ الحصول على كامل أراضيهم مقابل السلام مع إسرائيل ومع ذلك رفضوا، واليوم يبحثون ونبحث معهم عن نصف تلك الفرصة فلا نجدها. لذا فأنا أرى أن اتفاقية السلام تحسب للسادات بالإضافة لحرب اكتوبر 1973.

لكن ما تقييمك للموقف العربي وقتئذ من السادات بعد توقيع اتفاقية السلام وزيارة  إسرائيل؟
السادات كان رجلاً وطنياً، وكذلك الحكام العرب هم رجال وطنيون، لكن لم يفهم كلاهما الآخر، فبعد صراع عربي ـ إسرائيلي لما يقرب من 50 سنة منذ الأربعينيات، لم يستوعب العرب وقتئذ القفزة التي فعلها السادات تجاه إسرائيل سواء بتوقيعه الاتفاقية معها أو بزيارته لها، كانت هناك صدمة سببتها هذه القفزة للإخوة العرب، وهم رجعوا بعد ذلك واعترفوا بأنهم أخطأوا التقدير، ونحن التمسنا لهم العذر في كل ذلك. وعادت جامعة الدول العربية إلى مصر مرة أخرى وعادت معها العلاقات. وما لم يكن واضحاً للإخوة العرب وقتها أننا عندما وقعنا الاتفاقية، قمنا أيضاً بتوقيع اتفاقية أخرى موازية كانت تسمى اتفاقية "إطار السلام "والتي كانت تعني فتح الباب أمام أى دولة عربية لها مشكلات مع إسرائيل لتنضم لإطار السلام الذي يعني مبدأ "الأرض مقابل السلام". 

متى أحسست برغبة في ترك العمل مع نظام مبارك؟
حدث هذا عام 1986 بعد أن توليت رئاسة الوزراء بسنة واحدة، عندما رفض مبارك خطة للإصلاح الاقتصادي تقدمت بها في ذلك الوقت، وكان رفضه خوفاً من نشوب مظاهرات أو هبوط شعبيته، وقد كانت تلك الخطة الإصلاحية كفيلة باستقرار الأوضاع في مصر، لكنه رفض، فأفصحت له عن رغبتي في الانسحاب طالما أن كلامي لا فائدة منه.

عاصرت ناصر والسادات ومبارك، كيف تقيّم المساحة البينية بينهم وبين المواطن المصري؟
يأتي عبد الناصر في المقام الأول، فقد كانت له شعبيته الجارفة لدى المواطن المصري، ورغم اختلافي واختلاف كثيرون معه في بعض توجهاته السياسية، إلا أن إيجابياته كانت أكثر من سلبياته، خاصة وأن إيجابياته كانت لصالح الطبقات الفقيرة مثل "قانون الإصلاح الزراعي"،  "التعليم الجامعي المجاني"،  "قانون تخفيض الإيجارات". لذا فشعبية ناصر أكثر من شعبية السادات ومبارك. 
 

عودة المؤسسة العسكرية لحكم مصر مرفوضة، وعلى المصريين دعم الشرعية

كمواطن مصري كيف تقيّم أداء الرئيس الحالي محمد مرسي؟
أولاً لابد من أن نعلم أنه رئيس منتخب، ومن ثم يجب أن نحافظ على الشرعية، ويجب أن يستكمل الرئيس مدته من أجل الحفاظ على تلك الشرعية، وحتى نستطيع الحكم عليه بشكل جيد وواضح. 

وبم تنصح الرئيس مرسي في الفترة الحالية؟
أنصحه بحسن اختيار مستشاريه، فهو اختار أربعة مساعدين، وسبعة عشر مستشاراً، نصفهم استقال، وهذا يدل على أن علاقاته مع مستشاريه غير فعالة، وللأسف الشديد أكثرهم غير متخصصين فيما يعانيه الشعب المصري من مشكلات أغلبها اقتصادية، ومن ثم فإن منطق أهل الثقة قبل أهل الخبرة هو منطق لا يصلح لإدارة أزمات الدولة، وليس مهماً أن يكون الخبير إخوانيا أو غير إخواني ، فالمهم هو تقديم أهل الخبرة، ومن الغريب أن يخرج علينا مستشار يؤكد أنه لم يستطع مقابلة الرئيس لأكثر من ثلاثة أشهر. لذا فأنا أنصحه بتعيين مجموعة من المستشارين المخلصين المستقلين من أهل الخبرة.

لو عُرض عليك تولي حقيبة المالية أو رئاسة الوزراء هل تقبل؟
لا لن أقبل بالطبع، فدوري الرسمي في الدولة المصرية والمناصب التنفيذية انتهى، وإذا كان هناك من عطاء فهو للرأى والمشورة عبر وسائل الرأى والإعلام المختلفة.

البعض يطالب الجيش بالعودة إلى حكم مصر والنزول إلى الشارع، كيف تقيّم هذا الطلب؟ وماذا لو رجع الجيش للشارع؟
لست مع عودة الجيش ليحكم مصر، فأنا مع الشرعية ومع استكمالها لغاياتها الطبيعية، ونحن جميعاً اتفقنا أننا مع الديمقراطية ومع التعددية الحزبية حتى أصبحنا 60 حزباً أو يزيد، ومن ثم لا مجال للعودة إلى الوراء ليحكم الجيش. 

وماذا إذا ساءت الأمور أكثر من هذا؟
إذا ساءت الأمور يعود الجيش بشكل جزئي لأيام أو لأسابيع  لاستعادة السيطرة ولدعم الشرعية، كما حدث الأمر في بورسعيد مؤخراً، ثم يرجع لثكناته مرة ثانية.

كيف رأيت حالة الشد والجذب بين الرئيس مرسي والمحكمة الدستورية العليا؟
أمر كان يجب ألا يكون، فالدكتور مرسي هو رئيس السلطة التنفيذية، والمحكمة الدستورية هي قمة السلطة القضائية، ومعهما السلطة التشريعية، وبدون الثلاثة لا يمكن تسيير أمور المجتمع، وبالتالي يجب أن تكون العلاقة بين السلطات طيبة، وذلك بافتراض حسن النية، وباحترام أحكام المحكمة الدستورية، وفي اعتقادي أن المحكمة الدستورية غير مسيسة، وليس لها هوى، ولا أعتقد أنهم طامعين في الحكم أبداً، وما يرونه هو في حقيقته في مصلحة مصر، كما هو الحال مؤخراً في القانون الخاص بالانتخابات حيث وجدوا إحدى عشرة عورة في هذا القانون، والسؤال المنطقي كيف صدر هذا القانون بهذا العوار عن مجلس الشورى بلجانه التشريعية المكونة من أكثر من 250 عضوا؟ فيحسب للمحكمة الدستورية أنها لفتت النظر لهذا العوار. أما التسرع والرغبة في الإنجاز على حساب الصحة القضائية والدستورية فهو أمر مرفوض ولا يجب أن يكون. عبد الناصر والسادات لم يقفزاً أبداً على حكم المحكمة الدستورية وقد حُل المجلس أكثر من مرة. لذا أرجو ان تكون العلاقة طيبة بين مرسي والدستورية.

هل ترى أن علاقة مرسي بالإخوان هي السبب في زعزعة استقرار مصر؟
لكي لا نكون ظالمين، الدكتور مرسي لا ينكر إنه إخواني، وهو كان رئيساً لحزب الحرية والعدالة قبل توليه منصب الرئاسة، وليس من المعقول مطالبته بتغيير جلده بالكلية والتنصل لفكره وفكر جماعته فهذا من الصعوبة بمكان، وأرى أنه سيتغير تدريجياً. وليس معنى ذلك أن يفقد مرسي استقلالية قراراه ويترك الجماعة هي التي تحكم فهذا ليس مقبولا ولن يكون مقبولا ً أبداً. فاستشارة مرسي لحزبه وجماعته أمر لا يطعن في شخصه أو وطنيته. 

إذن حساسية المعارضة وجبهة الإنقاذ مبالغ فيها في هذا الإطار؟
عندما تتهم المعارضة أو جبهة الإنقاذ الدكتور مرسي  يجب أن تكون هذه الاتهامات موثقة بالأدلة والمستندات ، كما فعل حزب النور مثلاً عندما قدم وثيقة للرئيس حول أخونة بعض الوظائف، أما الاتهامات الجزافية فهي عبء كبير علينا جميعاً.  

العالم المصري الدكتور فاروق الباز لـ"عربيات": إدارة الأزمات "يوم بيوم"هي أزمة رؤية وتخطيط

$
0
0
مؤكداً رفضه للعمل السياسي، وإخلاصه لمهنته

العالم المصري الدكتور فاروق الباز لـ"عربيات": إدارة الأزمات "يوم بيوم" هي أزمة رؤية وتخطيط

عربيات - القاهرة: صفاء عزب

بين جيولوجيا الأرض وعلم الفضاء ورؤية الباحث يضع مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد فى جامعة بوسطن الأمريكية العالم المصري فاروق الباز أحداث العالم العربي تحت المجهر، معرباً لـ "عربيات"عن تفاؤله بمستقبل يقوده الشباب، ومخاوفه من تعامل الحكومة المصرية مع الأزمات بطريقة "يوم بيوم"، وتطلعاته إلى ثورة ونهضة علمية عربية نحو التكنولوجيا والبحث العلمي، مؤكداً أن جني ثمار الثورة لن يتحقق إلا  بالتفكير والعمل للمستقبل. ومن خلال تواجده في قلب الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة بوسطن بدأ حوارنا معه.

بداية وبعد أحداث بوسطن الأخيرة، هل لمستم عودة النظرة العدائية في الشارع الأمريكي للمسلمين والعرب؟
فى نظرى لم يتغير تعامل الشعب الأمريكي كثيراً مع العرب والمسلمين بعد تفجيرات ماراثون بوسطن، ولم نسمع عن إعتداءات أو ظاهرة تخوُّف عامة من العرب والمسلمين بعد ذلك الحادث.

خلال فترة تواجدك الطويلة في الولايات المتحدة الأمريكية، هل سبق لك أن عانيت شخصياً من ظاهرة "الإسلاموفوبيا"أو الممارسات العنصرية في الفترات التي شهدت أعمال إرهابية؟
قد يكون هناك نوع من الإضطهاد الذي يمارس ضد بعض المسلمين الذين يقومون بممارسات لا تتوافق مع نمط الحياة هنا فى أمريكا، أو تلفت الأنظار بشكل مثير للريبة، أما أنا شخصياً فلم أعانى من ذلك على الإطلاق منذ أن كنت طالباً ثم باحثاً وموظفاً فى مرحلة السبعينات، لم أعاني إطلاقاً من مثل هذه الأمور.

ما سر نجاح الدكتور فاروق الباز وتميزه عالمياً، بالرغم من أنه نشأ في بيئة بسيطة مثله مثل الكثير من المصريين؟ وهل ترى إمكانية تكرار قصة نجاحك بين الشباب اليوم؟
سر النجاح والتميز فى حقيقة الأمر يرجع للولاء للمهنة، والإخلاص فى العمل والإدارة السليمة والعمل للصالح العام. فإذا أثبت الإنسان كفاءته، وأدرك أهمية عمله، وأولاه الاهتمام المطلوب فسوف يفرض إحترام أداءه على الجميع، ويفتح بذلك أبواب النجاح محلياً أو دولياً، وبالطبع الفرصة سانحة لكل طالب عربي لتكرار هذه التجربة في مختلف المجالات، بل في واقع الأمر هذا هو أملي فى الشباب الواعد الذي يمثل المستقبل المنشود.

 

لهذه الأسباب أرفض الوزارة وأفضل الابتعاد عن السياسة

من المعروف أن شقيقك الدكتور أسامة الباز كان مستشاراً للرئيس السابق حسني مبارك، إلا أنك آثرت الإبتعاد عن السياسة، لماذا؟
آثرت الابتعاد عن السياسة لأن الإستغراق بها أو العمل فيها يأخذ من وقت العالِم ويبعده عن إنجازاته وفتوحاته العلمية، ولإيماني بأن وقت العالِم على درجة عالية من الأهمية ويجب تخصيصه لتحقيق إنجاز عملي وعلمي يعود على البشرية بالفائدة. ولقد كانت لي تجربة فى فترة سابقة توليت خلالها منصب المستشار العلمى للرئيس أنور السادات، لكنى لم أستمر بالرغم من أن مهام المنصب كانت مرتبطة بطبيعة البحث العلمي.

ماذا عن توقعات تعينك وزيراً للتعليم أو البحث العلمي فى مصر؟ وهل تشعر أن هناك سوء تقدير للعلماء والعقول المهاجرة؟
فى حقيقة الأمر أنا لا أقبل بالعمل السياسي لا فى مصر ولا فى أي بلد آخر، لأنني ببساطة عالم، أما سوء التقدير بشكل عام أو التقصير في الاهتمام بالعلماء بعيداً عن العمل السياسي، فهو لا ينتج في إي دولة إلا إذا كان هناك خلل في نظامها وتخطيطها للمستقبل.

هل تغيرت مشاعر شقيقك الدكتور أسامة الباز بعد الثورة فى ظل التقلبات الراهنة على الساحة؟ وماهي مشاعره حيال  محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك؟
أخى أسامة فى حقيقة الأمر أصابه مرض أنساه ما يحصل على الساحة، وهو لايعرف ما يجرى على حالياً، وربما كان ذلك بسبب كبر سنه، لكننا نحمد الله أنه لايعلم عن ما يجرى خاصة وأنه كان قد انفصل عن الرئيس السابق حسني مبارك منذ عشر سنوات، وهو الآن سعيد فى المحيط الذى يعيش فيه. 

 

آمال العالم العربي معقوده على شبابه، والثورة لاتزال قائمة

كلما ابتعدنا عن الشئ رأيناه بشكل أوضح فكيف يرى الدكتور فاروق الباز أحوال العالم العربي من موقعه الفضائى؟
العالم العربى على وجه العموم مازال يعاني من مشاكل متراكمة يطول الحديث عنها، لكن الآمال معقودة على الجيل الصاعد لتصحيح الخلل والنهضة بالعالم العربي إلى مصاف الدول المتقدمة.

وسط الأحداث الراهنة على الساحة المصرية بعد الثورة، هل تتفق مع من يشعر بحالة من الإحباط؟ أو يظن أن أحلام الشباب قد فشلت؟
عن نفسي، لم أصب أبداً بالإحباط لأننى كنت أتوقع أن الثورة ستتبعها أوقات عصيبة، هذا ما يؤكده التاريخ فكل ثورات العالم كانت متبوعة بفترة من عدم الاستقرار، لأن الثورة عبارة عن هدم لكيان قديم وعملية الهدم قد تكون سريعة، أما إعادة البناء فهي عملية تتم تدريجياً ولابد أن تستغرق وقت أطول. 

ماذا عن من يرى أن الثورة انحرفت عن مسارها؟ أو اختطفت؟
بإعتقادي الثورة المصرية لم تنحرف عن مسارها، ولم تختطف، ولكنها فى حقيقة الأمر لازالت قائمة، ونتيجتها لم تظهر بعد، بل ستمتد إلى تسنح الفرصة للشباب الذين قاموا بها ليتسلموا زمام الأمور، وهو ما يتطلب بعض الوقت، وربما ننتظرعقد كامل من الزمان حتى يتحقق ذلك.
 

إدارة الأزمات "يوم بيوم"هي أزمة رؤية وتخطيط

ما رأيك فى حكم الإخوان وهل لازال هناك مبرر للتخوف من وصولهم إلى سدة الحكم؟
لقد عمل الإخوان المسلمون فى الخفاء لمدة طويلة، ولم يمارسوا السياسة بشكل كافٍ، كما أن من مساوئهم  الخلط  بين الدين والسياسة لأنه خلط قد يسئ للدين. كنت أتمنى أن يتخذوا"العمل"شعاراً لهذه المرحلة لنلمس الزيادة فى الإنتاج والإصلاح فى التعليم، لكن التجربة الحالية كشفت أن حكم الإخوان مازال متأرجحاً، بلا رؤية ولاخطة واضحة، بل البارز أنه يجري حالياً التعامل مع المشاكل بطريقة "يوم بيوم"في ظل غياب لبعد النظر والتفكير بعيد المدى في إدارة الأزمات. ومع ذلك أنا لا أشعر بالقلق من تواجد الإسلاميين على الساحة، لقناعتي بأن المتشدد منهم سيكتشف أن الغالبية في المجتمع المصري ترفض تشدده.

إذن أنت تتفق مع من يرى ضرورة منح الرئيس محمد مرسي فرصة أخرى؟
نعم، لازلت أطالب بإعطاء الرئيس محمد مرسي الفرصة لأنه وصل إلى الرئاسة بموجب انتخابات نزيهة بدرجة كبيرة، لذلك يجب أن نمنحه الفرصة الكاملة، وإذا ما أثبت جدارته سيحصد الإحترام، أما إذا أثبت أنه غير مؤهل لقيادة هذا البلد العظيم  فسيقع الاختيار على غيره. المهم أن نحافظ على آلية الاختيار عبر صناديق الانتخابات.

 

محاكمة الماضي تشغلنا عن العمل للمستقبل

ماهي توقعاتك في حال تفاقم انعكاسات محاكمة وبراءة الرئيس السابق حسني مبارك أو أقطاب النظام السابق؟
فى هذا الصدد أود أن أقول أننا إذا أردنا أن نجني ثمار الثورة فيجب أن ننظر إلى المستقبل، بدلاً من الاستغراق في النظر إلى الماضى. علينا أن ننسى النظام السابق وننصرف إلى العمل الجدي في سبيل هدف موحد هو مستقبل الوطن ورفعته.

هل تعتقد أن أزمة القضاء الحالية مفتعلة؟
القضاء لا يجب أن يسيّس، ولا أعتقد أن رئيس الدولة أو البرلمان لهم الحق بالتدخل في القضاء الذي يجب أن يظل مستقلاً ليمارس دوره في إرساء العدالة وتطبيق القوانين بعيداً عن الأزمات السياسية والصراعات الحزبية.

 

المعارضة المصرية منفية لم تقترب من عامة الناس

مارأيك في الإتهامات التي تنال المعارضة معتبرة أنها تسعى إلى تخريب مصر لمجرد كراهيتها للإخوان؟
لا أظن أنه من المنطقي أن يتمادى أي معارض في معارضته مستهدفاً التخريب لمجرد كراهية الحزب الحاكم، لكنى أعتقد أن خلافات المعارضة وتشرذمها ووجود منابر متفرقة لها دون اتحاد يضعف من استعدادها لخوض الانتخابات القادمة. المعارضة عليها أن تقترب من الناس فى مختلف المناطق بما فيها العشوائيات، وتحتك بعامة الناس لتخرج من عزلتها. 

هل توقف مشروع ممر التنمية؟
لم يتوقف مشروع ممر التنمية، ولكنه يسير في مسار الدراسات والمحاضرات، فهو ليس مشروع "يوم وليلة"نتحدث عنه اليوم وننساه غداً بقدر ما هو مشروع لمستقبل مصر وإخراجها من المآزق التي تمر بها، وقد لا أراه على أرض الواقع في حياتي لكن أتمنى أن تجني ثماره الأجيال القادمة.

 

دول الخليج في مأمن من الثورات، ومصر هي العمود الفقري للعالم العربي

مع وصول الثورة لسوريا هل يمكن أن تنتقل عدواها لمنطقة الخليج العربى؟
أعتقد أن دول الخليج فى مأمن من تلك الثورات لعدة أسباب، منها اختلاف طبيعة الحكم فيها عن حكم العسكر فى الدول التى قامت بها الثورات، ففي الخليج الحكم قائم على المشورة بين القبائل والطوائف والجماعات والأفراد.   كما أن الحكومات فى تلك الدول تعمل على الإزدهارالإقتصادي بمساعدة أموال النفط.

هل ترى أن  التقارب القطري المصري جاء على حساب  علاقات  مصرية عربية أخرى؟  
لا أعتقد ذلك، فقطر في حقيقة الأمر مثل غيرها من الدول العربية تود أن تنهض مصر، وهذا هو الواقع الذي ألمسه عندما ألتقي بأشقاءنا في العالم العربي، حيث يتفق الجميع على أن مصر هى العمود الفقرى الذى تلتف حوله كل الدول العربية، لذا الجميع يود لمصر أن تكون بلداً قوية.

فى رأيك ما هي الدول العربية التى خطت خطوات مبشرة نحو الاهتمام بالعلم؟
مع الأسف لا أعتقد أن أي دولة عربية حتى الآن قد خطت خطوات كبيرة نحو العلم والتأسيس لمستقبل علمي وتكنولوجي. هناك محاولات جيدة فى مصر والسعودية والأردن وقطر لكنها مجرد محاولات علمية بسيطة لاتدل على نهضة تكنولوجية بالقدرالذى نتمناه للعالم العربى.

هل ترى أن اعتبارات العلم يجب أن تخلو من المشاعر والاعتبارات السياسية؟ أو بمعنى آخر هل تؤيد التعاون المصري الإيراني على الصعيد العلمى والسياسى وخاصة فى  المجال النووي حتى لو أثار ذلك قلق دول الخليج العربي؟
نعم، الإعتبارات العلمية يجب أن تخلومن المشاعر والاعتبارات السياسية لأن العلم معناه 1 + 1 = 2  ليس أكثر ولا أقل. وبالنسبة لإيران أعتقد أن إيران كانت تعتبر نفسها الأخ الأصغر لمصر وحاولت الوقوف بجوار مصر حتى تقوم لها قائمة، غير أن خطرها لم على منطقة الخليج إلا بعد إحتلالها لجزر الإمارات العربية المتحدة، وأعتقد أن مصر كان عليها أن تنذر إيران بضرورة إخلاء تلك الجزر.. أما عن الاستفادة من القدرات النووية لإيران فبوسعنا تحقيق استفادة أكبر بالتعاون مع دول أخرى لها باع أطول في هذا المجال، وهذا ما قامت به مصر بالفعل فى الستينات، لكن الوضع السياسى لم يؤهلها للتقدم فى ذلك، والخلاصة أننا إذا أردنا تحقيق هذه الاستفادة من الدراسات العلمية  والتكنولوجية بوسعنا أن نفعل ذلك من إيران أو غيرها.


الدكتورة ملحة عبدالله عميدة المسرح السعودي لـ"عربيات": ابن الجزيرة أصل العالم، وفعالياتنا الثقافية محصلتها "صفر"

$
0
0
معتبرة أن الربيع العربي أفرز شخصيات عربية "مقنفذة"

الدكتورة ملحة عبدالله عميدة المسرح السعودي لـ"عربيات": ابن الجزيرة أصل العالم، وفعالياتنا الثقافية محصلتها "صفر"

عربيات - القاهرة: محسن حسن

مكوناتها الإنسانية الخالصة شكّلتها معاناتها المبكرة وسجالاتها البريئة من أجل إثبات الجدارة وتحقيق الذات. وثقافتها الثرية، ما هي إلا نتاج رحلة ممتدة العطاء بين أجناس الثقافة والفكر والأدب. أما وجدانها فهو ريفي قروي، محلّق في آفاق "أبها"و"آل حديلة"حيث إنطلاقاتها الأولى في ربوع البادية وأحضان القبيلة. روحها العربية الوثابة، وشخصيتها البدوية الواعية، كفلا لها تميزاً شديد التنوع والثراء، ومنحاها سجلاً فريداً في تاريخ المرأة السعودية والعربية؛ فهي أول امرأة بالمملكة تحصل على رسالتي الماجستير والدكتوراة من الولايات المتحدة الأمريكية في دراسة "الدراما والنقد"بالإضافة لدراسات أخرى مكملة في بريطانيا، وقد حققت في هذين المجالين جهداً بالغ الإنجاز والإبداع وصل إلى خمسة وخمسين نصاً مسرحياً، وأكثر من عشرين كتاباً نقدياً، وهو ما جعلها في مصاف المكرّمات دوماً على المستوى العربي، وعلى المستوى العالمي أيضاً بعد أن حصلت على جائزة اليونسكو عن مسرحيتها "العازفة"، فاستحقت بجدارة أن تلقب بـ "عميدة المسرح السعودي"، هذا بالإضافة إلى تميزها الكبير في تبني قضايا الدفاع عن التاريخ العربي وحضارته، وعن المرأة العربية وتاريخها. وهي المرأة العربية الوحيدة تقريباً التي يكرّمها الأزهر الشريف في مصر على نتاجها المسرحي المتزن.. إنها الدكتورة "ملحة عبداللة "، والتي التقت بها  "عربيات"في القاهرة، وأجرت معها هذا الحوار.  

أخشى على القرية السعودية من الوافد، وشعوري بالاغتراب قدري وقدر جيلي 

وأنت ابنة القرية السعودية في أبها وآل حديلة، مما تخشين على هذه القرية الآن؟
القرية هي عطر الزمن وذكرى المكان، والفطرة النقية الطاهرة التي لا تعرف للتكلف نهجاً ولا سبيلاً، وتلك الملامح التي شكّلت وجداننا وصاغت عالمنا منذ أن كنّا صغاراً وحتى شببنا عن الطوق، أخشى أن تتلاشى ويذبل عبقها الزماني والمكاني بفعل المدنية الوافدة والمعمارية المستوردة، فنفقد أعز ما نملك من هوية الريف وفولكلور القرية وثقافة الأصل والتاريخ والحضارة.

"مريم"المدرّسة الفلسطينية في حياتك هل تذكرك بمشكلة ما في البيئة الأسرية بالمملكة؟
نحن في المملكة تربينا على تكوين علاقات مودة مع كل مدرسينا ومدرساتنا، وهي علاقات دائماً ما تمتد لسنوات طويلة، ومريم مثّلت لي أماً ثانية في بدايات تكويني المبكر، وفي رأيي أن جيل الأطفال الصغار في حاجة ماسة لاحتواء مماثل داخل الأسرة السعودية والعربية، وفي الحقيقة أنا حزينة على الطفل العربي، لما يواجهه من تغريب وإهمال؛ فإذا كان طفلاً ذا عائلة ميسورة فهو متروك للخادمة، وإذا كان عكس ذلك فهو متروك للشارع، وهذا كله مرده لأنانية الأبوين، تلك التي يجب التخلي عنها من أجل التفرغ لتربية أبنائنا واحتوائهم.

تعتبرين الزواج المبكر عائقاً في حياة الفتاة السعودية؟
طبعاً بالتأكيد؛ فالطفولة لها حقوق واجبة النفاذ، ومن واجب الأسرة أن تقف حائلاً دون إنتهاك أهلية الطفولة وحقوقها، والزواج المبكر، يفقد الفتاة مكوناتها الطبيعية ومميزاتها الشخصية بفعل الحرمان القسري من استكمال طفولتها، و يؤثر سلباً في تكوينها العقلي والفكري والوجداني، وهذه الظاهرة أصبحت قليلة جداً الآن في المملكة لتغير الزمن والثقافة. 

أنت وجيلك تمثلون همزة الوصل بين زمن القبيلة وزمن العولمة، فهل تعانون الاغتراب؟
معاناة الاغتراب قدري أنا وجيلي؛ لأننا عانقنا حياة القبيلة في الماضي بكل مظاهرها وتقاليدها، وعبر فترة زمنية قليلة إذا بنا فجأة في مواجهة العالم المتقدم بكل أبعاده وتقنياته، دون خوض مرحلة الاحتكاك الناضج بالآخر المختلف ، ومن ثم فنحن جسر العبور الآن لمن يرغب في تلمس الماضي وتحسسه عن قرب، بينما يبقى هذا الماضي ماثلاً في تكويننا الوجداني والديني عندما نتماس مع الحاضر المتقدم بمفاهيمه المختلفة والمتباينة بل والمتضادة بالكلية أحياناً مع مكوناتنا الماضوية، وهذا هو عين الشعور بالغربة.

العربي مسكون بحب النار والماء

اعتبرت أن ابن الجزيرة العربية هو أصل العالم، ما حجم موضوعية هذا الاستدلال؟
لستُ نسّابة، ولم يكن متعمداً في دراستي "الجزيرة العربية أنساب وتقاليد"أن أصل إلى هذه الحقيقة، لكنني فوجئت بها حاضرة بقوة في ثنايا علم الأنساب، وعبر العديد من المخطوطات الموغلة في القدم وكذلك الأحجار المحفورة باللغات العربية الجنوبية ومثلها المحفوظة في "متحف ليدن"بانجلترا، وكيف أن آدم الذي كانت لغته في الجنة هي العربية قبل أن يتكلم السريانية، كان مقامه ودفنه في جزيرة العرب، وكيف أن نوح وذريته من أبناء آدم انتشروا في كل بقاع الأرض وشكلوا نسيجها البشري، ولقد كانت خلاصة هذه الدراسة إحساساً عميقاً بشراكة الأصل والدم والنسب مع كل البشر، خاصة مع من يشاركونني اللغة والعقيدة والتاريخ. أما الإعتراض على هذا الاستدلال فلا محل له من الإعراب؛ لأنها ليست مباراة في إثبات النسب بقدر ما هي حقيقة مرتكزة إلى أسس موضوعية غاية في الحياد والتوثيق.

بعد هذه الدراسة، ما الذي وجدته متجذراً في الشخصية السعودية؟
ما وجدته أمران أو صفتان، ليستا في الشخصية السعودية فحسب بل في الشخصية العربية ككل، وهي حب النار وحب المطر؛ فالعربي حياته ومكوناته مرهونان بهذين الشيئين؛ وهي تبع لهما، فهو ثائر كالنار مسالم كالماء، وشخصيته جامعة للضدين معاً بشكل متفرد عجيب. ومهما قاربه التحضر وغازلته المدنية، فإنه يظل متشبثاً بجذوره الأولى مسكوناً بمكوناته الخاصة.

الغرب استلهم نظرياته من علمائنا وصدرها إلينا

انتصارك في موسوعة "نقد النقد"للنظريات العربية واعتبارك إياها منبع النظريات العالمية وأساسها ، هل هو من باب التمسك بالأمل العربي؟ أم من باب تذكير الآخر غير العربي؟
لا هذا ولا ذاك، إنما هو إحياء وتجسيد وبعث لإرث علمي وحضاري وتاريخي أهملناه بفعل استسلامنا لمعطيات الطرح المغلوط لنظريات وفلسفات وآراء المستشرقين في مجال النقد المسرحي والشعري وغيره، وفي الحقيقة أنا لا أتهم أحداً بسرقة نظرياتنا، إنما باختصار أقول إن الغربيين استلهموا من نظريات الفارابي وابن رشد والكندي وابن سينا وابن خلدون وغيرهم ما يناسب طينتهم ومجتمعاتهم وثقافاتهم وسلوكياتهم، ثم هم يصدّرونها إلينا باعتبارها أصولاً نقدية مبتكرة ونظريات فكرية جديدة غاية في الحداثة، ومن ثم نصدقها نحن في "بلاهة"وبلا وعي، فنقع في محاذير التغريب وضياع الهوية والتاريخ والتبعية العمياء.. ويجد الناقد نفسه غريباً هائماً على وجهه لا يشعر سوى بالاغتراب عن أصوله النقدية العربية.. في"نقد النقد"واجهت بالحقائق طروحات "توماس فريدمان"المسيئة للثقافة العربية وتاريخها في كتابه "العالم مسطح"، وأقررت نظرية واقعية مفادها أن الإنصهار الفكري والثقافي في بوتقة النظام العالمي الجديد والاستسلام لسياسة "الحقن تحت الجلد"كفيلان بالقضاء على الشخصية العربية أو على الأقل إرباكها.

وما الذي ميّز النظريات العربية تحديداً؟
الذي ميّزها هو سبقها وتقدمها؛ وقد شهد جنوب الجزيرة العربية بدايات أصيلة لخطاب نقدي ناضج واضح المعالم، وباستنطاق الموروث النقدي العربي، وجدت أن أغلب النظريات الغربية ترتكز على الإرث الفلسفي الإسلامي والعربي  فالفارابي سبق "غولدمان"في فكرة الوصول إلى الجوهر، وسبق نظرية الـ "هنا"والـ "هناك"لـ"جاك دريدا"، وقد تضمنت كتابات الجاحظ وابن سينا ومسكويه والفارابي وابن رشد الكثير مما يتشدق به الغربيون من نظريات بما فيها نظرية الحداثة ونظريات البنيوية والتفكيكية التحليلية.  

ملحة عبدالله
 

المسرح السعودي مسرح هواة، واحترافه يحتاج لمؤسسة ترعاه

ما الدليل على أن المسرح في المملكة قديم قدم المسرح في الوطن العربي؟
المسرح كظاهرة قديم في منطقة الخليج  ولعل البعض لا يعرف أن اليمن كان لها السبق العربي عندما ظهر المسرح البريطاني على أراضيها خلال القرن السابع عشر، أما المملكة فقد كان عهدها بالمسرح قريباً جداً من عهد المصريين به، وذلك خلال الثلاثينيات؛ فكان هناك المسرح المدرسي، ثم  "دار قريش"للتمثيل في مكة بإشراف أحمد السباعي، وقد واجهت تلك المحاولات المبكرة بتحفظات اجتماعية شديدة في ذلك الوقت، إلى أن حلّ المسرح الكلاسيكي بقيادة حسين سراج وجيله؛ حيث عُرضت مسرحيات مثل "الدوامة"و "للسعد وعد"وغيرهما، ثم مسرح إبراهيم الحمدان خلال فترة السبعينيات حيث تم تقديم أول العروض المسرحية الرسمية تحت عنوان "طبيب بالمشعاب"عن نص "طبيب رغم أنفه"لموليير، وتستمر المسيرة، والحقيقة لا يزال المسرح السعودي رغم كل ذلك مسرحاً للهواة ولم يبلغ مرحلة الاحتراف المؤسسي بعد.

يعد ميزة أم عيباً كونك المرأة السعودية الوحيدة المتخصصة في الدراما والنقد؟
هذا يُسأل فيه غيري، ولكن يوجد الآن في المملكة أكثر من عشر سيدات يحملن درجة الدكتوراة في الأدب المسرحي، ورغم أنني أخشى أن يتهمني القاريء بالشيفونية، إلا أنني مضطرة إلى القول بأنهن متميزات فقط على مستوى الأدب المسرحي وليس المسرح، وفرق كبير بين الكتابة المسرحية، والخبرة العملية والإبداعية بمتطلبات العمل المسرحي؛ لأن النص المسرحي هو مجرد مشروع للمسرح، أما تحويل هذا النص لواقع مسرحي منطوق ومسموع ومرئي بشكل متكامل، فهذه هي الخبرة الحقيقية التي تحتاج الكثير من الجهد والتفاعل.

النظرة المتدنية للمسرح نشأت بسبب الخلط بينه وبين الملهى 

واجهت مبكراً النظرة التي تصنف المسرح ضمن الفنون اللاأخلاقية، هل لازالت تلك النظرة قائمة إلى الآن في المملكة؟
بالطبع لا، فتلك كانت نظرة قديمة مرتبطة بأسبابها المنطقية، ومتأثرة بما كان يحدث في مصر وسوريا ولبنان حيث كانت الملاهي والنوادي الليلية والمراقص في شارع الهرم تسمى مسارح، ومن ثم ارتبط اسم المسرح ـ على سبيل الخطأ ـ بأعمال الرقص و"التنطيط"، وقد كان لى حديث مع الدكتور أشرف زكي حينما كان نقيباً للممثلين بمصر، حيث طالبته بعدم إطلاق اسم المسارح على الملاهي والأندية الليلية، وأكدت له أن ذلك أضر بالمسرح في السعودية كثيراً وأخر من وتيرة نموه وانتعاشه؛ لأنه أعطى صورة منافية للأعراف والعادات والتقاليد المحافظة، وقد وافقني الرأى فيما قلت. والآن الأمر تغير كثيراً في المملكة حيث ينتعش المسرح وينمو بشكل جيد، وخاصة المسرح النسائي الذي يشهد إقبالاً كبيراً ملفتاً للنظر، غير أنه يحتاج لدعم رسمي يصل به إلى آفاق العمل المؤسسي والاحترافي. 

اختزال المسرح في الضحك أبعده عن دوره في تحريك الوعي الفردي والجمعي

لكن لماذا يقف المتلقي السعودي عند حدود المشاهدة فقط في مواجهة المسرح؟
هذا ليس على مستوى المسرح السعودي فقط بل في أغلب المسارح العربية، وهو نتيجة تسرب مفهوم خاطيء عن المسرح لدى المتلقي؛ حيث يكرّس البعض للترويج لمفاهيم ضيقة للعمل المسرحي منها مثلاً أنه يقتصر على إضحاك المشاهد، وهو ما عوّد المتلقي على الربط بين المسرح والضحك، فإذا اختفى الإضحاك المسرحي ينصرف المشاهد عن المسرح وينبذه، ورغم أنه لا اعتراض على عنصر الإضحاك في العمل المسرحي، إنما الطامة الكبرى هي اختزال المسرح في هذا الغرض فقط دون غيره من جوانب وأغراض العمل المسرحي الأخرى كتحريك الوعي الفردي والجمعي وإثارة روح النقد والقياس بهدف الحكم على الأشياء بطريقة صحيحة.

البعد الخامس نقطة ضوء

هل كان هذا سبباً من أسباب تفردك بنظرية "البعد الخامس في التلقي والمسرح"؟
نعم بالتأكيد، لأن المسرح العربي لا يحتمل المزيد من عوامل اتساع الفجوة  بينه وبين المتلقي، بل هو في حاجة ماسة  لتقليص تلك الفجوة؛ فعندما يتم نحت الشخصيات المسرحية نحتاً كاملاً في أعين المتلقي، فإننا بذلك نقطع عليه خط الرجعة فلا يستطيع إعمال خياله الخاص مع النص والعمل المسرحي ككل، وهذا هو لب نظرية البعد الخامس، والتي تعتمد على دمج عقيدة ووجدان المتلقي من خلال العمل المسرحي مع ترك نافذة مفتوحة من مكونات الشخصية المسرحية لخيال المشاهد، وهو ما يتيح له مشاركة وفاعلية أكثر تجاه ما يقدم له على خشبة المسرح. ومن ثم يتمكّن المتلقي من نحت الشخصية بنفسه. 

توترت العلاقة بين الناقد والمبدع بسبب الخلط بين مفهوم "النقد"و"الانتقاد" 

بين مسرحية "أم الفأس"و "غول المغول"ما الذي تغير في مسرح الكتابة لديك؟
في حقيقة الأمر أنا لا أهتم برصد مثل تلك التغيرات، لا لشيء سوى لأن كل عمل أو نص مسرحي في مسيرتي إنما هو حالة خاصة قائمة بذاتها، وغالباً ما تجد في نصوصي وأعمالي التزاماً تاماً بالمدرسة المسرحية التي أكتب وفق توجهاتها، وهذا ما عوّدت نفسي عليه.

بعد أكثر من خمسين نصاً مسرحياً، إلى أي المدارس المسرحية تميلين أكثر؟
إلى المدرسة الواقعية السحرية، فبعد تأمل عميق لمجمل ما ألفته من نصوص وجدتني مأخوذة بعالم الواقعية السحرية، ذلك الذي تستهويه الموروثات الشعبية والتراثية القديمة المحمّلة بالغرائبيات والأساطير حيث قدرة الخيال على قلب الصورة الواقعية الرتيبة إلى حالة من الدهشة والتجدد والحيوية.

بعد عشرات الكتب النقدية في مسيرتك الإبداعية، ما سر العداء بين الناقد والمبدع في رأيك؟
لأننا في عالمنا العربي درجنا على الخلط الدائم بين "النقد"و "الانتقاد"، وارتبط المفهوم النقدي لدينا بالهجوم على المنجز الإبداعي وفضحه وكشف ما فيه من عيوب، ومن ثم توترت العلاقة بين الناقد والمبدع، خاصة في ظل سطحية النقد ، وتصدر المشهد النقدي من قبل أناس لم يتربوا على النقد الموضوعي القائم على التحليل والتفسير بهدف توصيل الرسالة وليس تصيّد العيوب، ومأساتنا الحقيقية تكمن في تعالي النقاد وتضخيم ذواتهم، وهو ما أدى إلى الفصل بينهم وبين المبدعين والإبداع ككل.

لكن هل من حل لهذه الإشكالية النقدية من وجهة نظرك؟
لابد من التقارب بين الناقد والمبدع، وأن يتوحد الناقد مع شخصية المبدع ومع ما أنجزه من إبداع، وأن يكون مطواعاً للمعيار النقدي الذي يلتزمه بحيث تختفي تدخلاته النقدية الخاصة، والحقيقة أننا في حاجة ماسة لتكوين جيل واع وموضوعي من النقاد، خاصة وأن النقاد المسرحيين في الوطن العربي يعدّون على الأصابع ومنهم فوزي فهمي، ونهاد صليحة، والدكتور محمد عناني، وعددهم جميعاً لا يليق بحجم الوطن العربي الكبير.

معنى هذا أنك غير راضية عن النقد الانطباعي؟
النقد الانطباعي إذا اقتصر على دائرة المتلقي فمشكلته هينة، لكن المؤسف أنه تعدى المتلقي العادي إلى من يتصدرون المشهد النقدي بغير جدارة واستحقاق، ومن ثم ضاعت هيبة النقد وضاع دوره في استكشاف العمل الإبداعي وسبر أغواره، وبذلك نفقد القيمة الإبداعية والنقدية، بل ونفقد المتلقي أيضاً؛ باعتباره ضحية النقد السطحي الذي لا يرعى المتلقي بتبصيره بخفايا الإبداع الذي يشاهده أويقرأه أو يسمعه.

كيف ترين العولمة في إطارها العربي؟ وهل هي تلهث خلف سراب؟
ليست هناك عولمة عربية وأخرى غير عربية، فالعولمة هي العولمة في مفهومها الخاص بتكريس واقع "الإنسان الفرد"، فهذه هي فلسفتها، وأكبر الأسلحة وأقواها في مواجهة العولمة هو "معرفة الذات"؛ فأن تعرف ذاتك العربية بهويتها وتاريخها وحضارتها هو أفضل ما تواجه به الهجمات الشرسة للعولمة والتي تهدف في الأساس إلى تجريد الإنسان من جذوره القديمة والحديثة، ومن ثم تختفي ملامحه الاجتماعية والتاريخية، لأنه يصبح فرداً في العالم، ولعل موسوعة "نقد النقد"وكتاب "الجزيرة العربية أنساب وتقاليد"خطوة على الطريق نحو إثبات جدارة الشخصية العربية على المستوى الحضاري والتاريخي والإنساني.

النخبة سبب التراجع

ما تقييمك لموقع النخبة العربية المثقفة من الجماعة الشعبية العربية؟
النخبة هي سبب كل مشكلاتنا؛ فهي المسئولة عن غياب الوعي العربي بشقيه الجمعي والفردي، وهي السبب في تسطيح الإنسان في عالمنا، وإبعاده عن هويته وتاريخه وأصوله الأولى، وما نعانيه من فجوات ثقافية بين القاريء والمثقف والمبدع سببه تلك النخبة التي اعتمدت خطاباً نخبوياً متعالياً مثلها، ليس في استطاعته تجاوز الحناجر إلى أسماع وقلوب ومواجيد الإنسان العربي، ويؤسفني أن أقول إن الكثير الكثير من فعالياتنا المسماة بـ "الثقافية"محصلتها النهائية صفر بالنسبة لتشكيل وعي وثقافة الحضور. 

لماذا ترجئين محاولات الكتابة الروائية دائماً في مقابل نظيرتها المسرحية؟
بداية ليس كل كاتب روائي يستطيع أن يكون كاتباً مسرحياً؛ لأن الكتابة المسرحية ليست سرداً كما هي الحال في الكتابة الروائية، ورغم حرفيتي في الكتابة للمسرح، فإنني أخشى من كتابة الرواية، وفي اعتقادي أن مرحلة الخوف هذه ستنتهي بصدور رواية جديدة قريباً جداً.

لماذا لم تحاولي خوض تجربة التمثيل المسرحي خاصة مع احتكاكك الكبير بالمسرح؟
قمت بالتمثيل في سن مبكرة في المسرح المدرسي، لكنني لا أجد في نفسي ممثلة جيدة حتى أخوض هذه التجربة، ثم إنني تقاليدية في عاداتي ومكوناتي البيئية والثقافية ومن ثم لم أجد مثل هذه التجربة تروق لي كثيراً.

بالنظر لمسرحيتك "إغتيال المواطن دو"كيف ترين التطبيع الثقافي مع إسرائيل ومن يدعون لمثل هذا التطبيع؟
كل مسرحياتي تقريباً تنطق بالعداء لهذا الكيان الغاصب القاتل الدموي الذي لا يتورع عن ارتكاب أى فعل متجرد من الإنسانية، لذا فرأيي معروف في تلك المسألة، أما من يدعون للتطبيع الثقافي فلهم رأيهم واعتباراتهم الخاصة التي لا أجد مبرراً للتدخل فيها أو التعليق عليها.

نص العازفة أنصف المرأة وحقوقها وصورتها المغلوطة في الإعلام

من منطلق مسرحيتك "العازفة"هل ترين المرأة العربية تستجدي حقوقها؟
نعم بالتأكيد، فلا تزال المرأة العربية مهضومة الحقوق، تعاني كثيراً من أجل الحصول على حقها في ممارسة حياتها كمفكرة وكإنسانة، ونص العازفة جاء تجسيداً لمعاناة المرأة العربية وللرد على صورتها المغلوطة عبر وسائل الإعلام المختلفة، تلك الصورة التي أظهرتها عكس ما هي عليه في حقيقة تاريخها الطويل الذي ينطق بدورها الكبير في رفع تهمة "العصبية"عن المجتمع العربي القبلي، تلك التهمة التي لم أجد لها أثراً حقيقياً في تاريخ العرب الممتد. 

لكن لماذا تحملين الرجل وزر عدم صدارة المرأة ونهوضها؟
لم أحمل الرجل مثل هذا الوزر، والدليل أنني في مسرحية العازفة قدّمت الرجل والمرأة كثنائي غير قابل للفصل أو التجزئة؛ حيث يكمل كلاهما الآخر، حتى ما يحمله النص من قسوة ظاهرة للرجل في معاملته لها، جاء مقروناً بحبها الظاهر له وارتمائها بين يديه.

موقع المملكة يحتّم مراعاة الهوية الدينية عند الكتابة

في رأيك كيف تتحول الهوية الإسلامية في المملكة إلى عنصر داعم للمسرح؟
الهوية الإسلامية في المملكة الآن هي التي تسمح بإنجاز ثلاثة مهرجانات سنوية للمسرح ما بين المسرح الرجالي والمسرح النسائي، ومسرح الطفل، وهي خصوصية للمجتمع السعودي، وأرى أن المسرح في عهد الملك عبدالله قد اجتاز مراحل من التقدم والنهوض، ويبقى الدور على كاتب النص المسرحي ومخرجه إلى النور في مراعاة تلك الهوية في المملكة، وفي رأيي أن الكاتب المسرحي الواعي  هو الذي يبتعد عن توظيف "التابوهات الثلاثة"الدين والجنس والسياسة بشكل يسيء للمضمون العام للعمل وللبيئة المحيطة به. خاصة في المملكة التي تملك هوية خاصة جداً ترتبط بوجود الحرمين الشريفين فيها. 

في الختام، لماذا ربطت بين ثورات الربيع العربي وبين ظهور "زمن القنفذ"؟
لأن الربيع العربي أفرز لنا شخصية عربية "مقنفذة"، تتخذ من معطيات التكنولوجيا الحديثة ستاراً دفاعياً عن سماتها الوهمية التي تصور لها أنها جديرة بالحكم على الآخرين وتوصيفهم، بل ومحاكمتهم إذا لزم الأمر، كل ذلك رغم أنها في واقع الأمر شخصية لا تملك شيئاً من مقومات الفكر أو العلم أو الفلسفة أو ما يمكنها من الحكم على المادي والمعنوي بشكل صحيح، ورأيي أن السر في ظهور هذا النمط من الشخصية العربية هو هبوب رياح التحرر التي أزالت حواجز الضبط والربط لمجريات حياتنا الأدبية والثقافية والسياسية، وهو ما عكّر صفو المشهد العربي في أغلب المجالات؛ حيث يتصدر السفهاء والسطحيون وأشباه المثقفين، بينما يتأخر المستحقون للصدارة، والحقيقة أن هؤلاء جميعاً ضحايا أفكار ونظريات "فريدريك إنديك"و "توماس فريدمان"وغيرهما، والتي تهدف في الأساس إسقاط "الكاريزما"في كل العالم.  

الدكتورة زينب أبوالنجا: أطمح إلى الحصول على جائزة نوبل وأنا أعمل في بلدي

$
0
0
بعد تتويجها من اليونسكو بلقب سيدة الكيمياء لعام 2011م

الدكتورة زينب أبوالنجا: أطمح إلى الحصول على جائزة نوبل وأنا أعمل في بلدي

عربيات - القاهرة: صفاء عزب

تعد الدكتورة زينب أبو النجا من أبرز الوجوه النسائية العلمية فى مصر والعالم العربى بل وعلى مستوى العالم، بعد تتويجها من قبل منظمة اليونسكو بلقب سيدة الكيمياء لعام 2011م، تقديراً لإنجازاتها العلمية وتطبيقاتها المتوافقة مع أهداف المحافظة على البيئة وصحة الإنسان، وهو ما كان محور حوارنا معها عن إنجازاتها وطموحاتها وآليتها في مواجهة التحديات.

كيف جاء تتويجك بلقب سيدة الكيمياء من اليونسكو؟
تم ترشيحي لجائزة اليونسكو على ضوء بحثي الذي نشرته في دورية علمية عن إمكانية استخدام المركبات الكيميائية الطبيعية المستخلصة من الطحالب البحرية كمبيد حشري آمن، وحصلت على لقب سيدة الكيمياء لعام 2011م تزامناً مع المئوية الأولى لحصول العالمة الفرنسية ماري كوري على جائزة نوبل للكيمياء، حيث تمت استضافتي في مدينة تريستا بإيطاليا في مقر اليونسكو لمدة أسبوعين لتدريبي على كيفية تبسيط العلوم والتواصل مع المجتمع من خلال وسائل الإعلام لإيصال الجديد فى العلوم المختلفة وكيفية تطبيقها لخدمة المجتمع وتنميتة، وذلك حرصا من منظمة اليونسكو على دور المرأه فى العلم وتنمية مجتمعاتها، وفى نهاية فترة التدريب قمنا بزيارة للمؤسسات العلمية المتميزة في مدينة تريستا، ومن أهمها مركز أبحاث الهندسة الوراثية ومفاعل "إنريكو فيرمي"النووي السلمي، وأخيراً كان حفل التكريم والتتويج باللقب.

 

منظور القرن العشرين للكيمياء هو الاستدامة والعودة للطبيعة

هل يمكن تبسيط الإنجاز العلمي الذي حصلت بموجبه على هذا التكريم؟
الهدف العام من مجمل أبحاثى العلمية هو التوصل إلى بديل آمن للمبيدات الحشرية على البيئة وصحة الإنسان، يتم استخدامه لمكافحة الحشرات الضارة طبياً واقتصادياً دون آثار ضارة تنعكس على الكائنات غير المستهدفة، وبذلك نتفادى مشاكل المبيدات الحشرية التقليدية. لقد خلق الله كيمياء طبيعية هي عبارة عن مركبات كيميائية تنتجها مجموعة من الكائنات الحية لأغراض مختلفة، ومن بينها النباتات التي تقوم بإفراز مركبات كيميائية سامة للحشرات أو طاردة لها، ومن هنا جاء دور العلماء للبحث عن هذه النباتات وفصل المركبات الكيميائية الطبيعية وتحديد خواصها البيولوجية واستخدامها لخدمة المجتمع بصورة أكثر استدامة وأمان، حيث يعد هذا الفرع من العلوم أحد أهم الفروع العلمية فى القرن الحالي نظراً لإتجاه العالم أجمع نحو حلول الاستدامة والعودة للطبيعة من أجل الحفاظ عليها وعلى حياة البشر. 

إلى أي مدى كانت تلك المهمة صعبة؟
هذا النوع من البحث العلمى يتطلب الكثير من الجهد والإمكانات التى لا تتوفر في العديد من المؤسسات البحثية، خاصة في مرحلة فصل وتعريف المركبات الكيميائية، لذا تمت الاستعانة بجامعات ألمانية وسعودية تتوفر فيها هذه الإمكانات والأجهزة اللازمة لاستكمال الأبحاث والخروج بنتائج تم نشرها فى دوريات علمية عالمية.

ماذا عن تكاليف وميزانيات هذه الأبحاث؟
ميزانية البحث العلمي فى مصر كانت ولازالت ضئيلة ولا تكاد تذكر وليس لها دور كبير فى إنجازات البحث العلمي، لذا تم عمل التحاليل العلمية إما عن طريق التمويل من الدخل الخاص بي، كما تم إجراء بعض التحاليل والدراسات مجاناً نتيجة للتعاون العلمي المشترك بيني وبين بعض الزملاء في ألمانيا بنفس التخصص.

 

بواسطة بناء شبكة تواصل علمية تجاوزت تحديات التمويل

هل هناك تواصل فى عملك مع علماء من دول عربية أو أجنبية؟
بالطبع هذا هو الطريق الذى تغلبت بواسطته على تحديات التمويل ونقص الإمكانات البحثية، فأنا حريصة دوماً على بناء شبكات علمية دولية وتطويرها من خلال التواصل والتعاون العلمى المستمر.

أين تقف العالمة العربية زينب أبو النجا من علماء العالم؟
أشعر أننى أقف فى موقع لا بأس به عالمياً، ولي العديد من المشاركات العلمية العالمية، لكن  مازال أمامي الكثير لتحقيقة حتى أصل إلى غايتي في البحث العلمي.

 

التحديات تولد طاقة إيجابية للإنجاز

ما أهم المشكلات التى تواجهك؟
تواجهنى العديد من التحديات لا المشكلات، فلقد تعلمت في ألمانيا أن أستبدل مصطلح "المشكلة"بـ"التحدي"، وأصبحت أنظر إلى المشكلات على أنها تحديات تولد بداخلي طاقة إيجابية قوية للتغلب عليها. إنها سمات مجتمعية، فأغلب المجتمعات العربية وخصوصا المصرية تعاني من العديد من السمات السلبية داخل المؤسسات، مثل المنافسة العلمية غير الشريفة، ومحاولة عرقلة الأمور، أو التوزيع غير العادل للتمويل والأجهزة العلمية داخل المؤسسة البحثية، بالاضافة إلى أن مجتمعاتنا تميز الرجل على المرأة في كثير من الأمور الحياتية، فتصبح المرأه العاملة فى البحث العلمي خصوصاً ذات مسؤولية أكبر بكثير مما قد يتحملة رجل يعمل فى نفس المجال.

هل فكرت بالانتقال للعمل في الخارج؟
نعم فكرت في ذلك، وجاءتني الفرصة لكن – مع الأسف - كما ذكرت سابقاً الرجل يستطيع أن يسافر ويترك أسرته أما بالنسبة لي من الصعب أن أتخلى عن مسؤوليتي نحو أسرتى وأبنائي. فبالفعل تلقيت أكثر من عرض للعمل بجامعة المانية ولكن لفترات طويلة يصعب على أسرتي التكيف معها.

 

حيث توجد الصراعات السياسية والدينية يموت العلم وينقرض العلماء

ما رأيك فى الاهتمام العربى بالعلم والعلماء وما الدول العربية التى ترينها حققت شوطا مهما فى طريق البحث العلمي؟
إلى الآن لا يوجد اهتمام حقيقى بالعلم والعلماء فى الدول العربية، فحيث توجد الصراعات السياسية والدينية يموت العلم وينقرض العلماء، ولنا فى التجربة الأوروبية المثل، ففى عهد الصراعات الدولية فيما بينهم وفيما بين الشعوب والحكام في عهد الفاشية والنازية الأوروبية انتقل أغلب العلماء إلى أمريكا حيث يوجد الاهتمام والدعم الحقيقى. أقصى ما يمكن أن تحققه أي دولة عربية اليوم هو نشر أكبر عدد من الأبحاث العلمية فى دوريات عالمية، لكن يأتى هنا السؤال الحَكم.. أي الدول العربية أخرجت لنا عالم حائز على جائزة نوبل فى البحث العلمى وهو مقيم في بلاده؟ مثلما فعل عالم الكيمياء الاسرائيلي "دانيال شيختمان" الحاصل على نوبل فى الكيمياء 2011 لاكتشافاته في مجال أشباه البلورات.

كيف ترين الثورة المصرية بعين الباحثة؟
الثورة المصرية هى أجمل ما حدث فى مصر وفى زماننا، وأرى أن ما يحدث من تخبط سياسي اليوم هو أمر طبيعي بعد أي ثورة، خاصة وأن مصر عانت سنوات طويلة من الفساد وغياب الرؤية، ولابد من أن يُطّهِر المجتمع نفسه بنفسه، وكان من المتوقع أن يأتي ما هو أسوأ من النظام السابق نتيجة لغياب الوعي السياسي والخبرة، لكن الأمل قائم في الأجيال القادمة من شباب مصر، أولئك الشباب الذين لن يقبلوا ببديل للحرية، ولن يتنازلوا عن أن تكون مصر ضمن الصفوف الأولى للدول الديمقراطية المتقدمة علمياً واقتصادياً، فالثورة مازالت مستمرة على كل بقايا الفساد. 

هل هناك خطوات إستكمالية لأبحاثك فى الكيمياء؟
بالطبع أبحث دوما عن كل ما هو جديد فى مجالي لأضفي عليه صبغة التطور والإبداع من خلال الإندماج البحثي بأحد فروع علم الكيمياء الأخرى، وهو "تكنولوجيا البوليمرات"وتطبيقاتها، حيث تم تطوير أبحاثي العلمية بإضافة تكنولوجيا مبتكرة تعمل على المحافظة على فعالية المبيدات الطبيعية أطول فترة ممكنة، دون التأثير السلبي على البيئة، مما قد يزيد من الأثر الفعال للمركبات محل الاهتمام والتقليل من تكلفة التصنيع والانتاج. 

 

الحياة كيمياء، والحب سر النجاح في الحياة العلمية

أليس من الصعب على المرأة أن تتخصص فى علم الكيمياء؟
بالحب يصبح الصعب سهلاً، فالحب هو سر النجاح في الحياة العلمية والعملية، والكيمياء من وجهة نظري أحد العلوم الهامة للحياة، ومادام لدى الإنسان الدافع القوي لمعرفة الأسرار التى تحيط به، فلابد وأن يكون لديه شغف ولهفة للتعرف على أسرار هذا العلم، خاصة عندما تدرك أن كل ما يحيط بك أو يتكون منه جسدك مبنى على أساس كيميائى. 

ما موقف زوجك تجاه عملك؟
زوجي طبيب وأستاذ جامعى ناجح في حياته العلمية والعملية، أحترم فيه فكره وذكائه الإجتماعى، فهو دائماً ما يكون المحفز والمنشط لأبحاثي العلمية، ولقد تعلمت منه كثيراً وسأظل أتعلم من بحرعلمه وإدراكه للأمور. إنه يحترم في شخصيتي الطموح العلمي ويشجعني على مواصلة مشواري. 

أعرف أنك أم لأطفال فكيف تمكنت من التوفيق بين مسؤوليات العمل والمنزل؟
على المستوى الشخصي ألجأ إلى ترتيب الأولويات، والتخطيط الجيد للأهداف على المستوى الأسري، وأحمد الله أن عائلتي تساعدني فى أوقات السفر أو الإنشغال الزائد بالعمل.

 

أتمنى الحصول على نوبل في عمل مشترك مع زوجي

من قدوتك فى البحث العلمى؟ وما أهم طموحاتك؟
قدوتى على المستوى العالمي هى السيدة "ماري كوري"التي كانت امرأة رائعة فى حياتها العلمية، عانت الكثير في بلادها ولكن ذلك لم يمنعها من مواصلة مشوارها العلمي، كما انها تميزت بالربط بين مختلف التخصصات العلمية، فهى حائزة على جائزة نوبل في الفيزياء مناصفة مع زوجها السيد بيير كورى عام 1903م، ولم تكتفِ بذلك بل واصلت أبحاثها فى مجال الكيمياء فحصلت على جائزة نوبل منفردة في الكيمياء عام 1911م، كما حصلت على نفس الجائزة مشتركة فى مجال الطب مع ابنتها وزوج ابنتها عام 1935م. إنها فعلاً مثال للسيدة المتميزة في مجال العلوم. وأتمنى أن يربطنى عمل علمي فريد بتخصص زوجي لنحصل معاً على جائزة نوبل.

 

أرفض أن أكون مجرد اسم في بلدي

هل حقا تحلمين بجائزة نوبل فى الكيمياء؟
حلم أي باحث يسعى إلى التميز هو الحصول على جائزة نوبل، وأنا أراها ليست بعيدة لأن طموحي العلمي ليس له حدود، لذا أتمنى أن أحصل عليها وأنا أعمل فى بلدي مصر، لا أريد ان أكون اسماً فقط في بلدي، بل أود أن أقدم لها التميز والتقدم من خلال مجموعة من الاكتشافات التطبيقية التى تخدم مجتمعنا والعالم أجمع.

 

هل تشعرين بوجود تقصير من قبل العلماء العرب الموجودين بالخارج تجاه أوطانهم؟
نعم هناك تقصير، لكن المسؤولية لا تقع بالكامل عليهم، بل تتحملها كذلك الحكومات التى لا تهتم بالعلم فتدفع  بعلمائها لخدمة مجتمعات أخرى.

ما أهم التطبيقات العملية والحياتية لأبحاثك؟
أهم التطبيقات فصل مركبات كيميائية طبيعية يمكن استخدامها فى الوقاية من الإصابة بآفات الحبوب المخزونة والدقيق، دون القلق من الآثار السامة للإنسان إذا ما تعرض لهذه المركبات، وبالتالى يتم الحفاظ على القيمة الاقتصادية للحبوب المخزونة دون الإضرار بالصحة العامة والبيئة. كذلك فصل مركبات طبيعية تقضي على البعوضة المنزلية والتى تعد أحد أهم الآفات الطبية التى تنقل العديد من الأمراض القاتلة، هذه المركبات طبيعية وآمنة على البيئة و على صحة الإنسان. وحديثا يتم إجراء تطوير فى البحث العلمى محل الاهتمام من خلال إدخال تكنولوجيا الانتشار الذكية للمبيدات، حيث نعمل كفريق عمل مكون من أستاذ متخصص فى كيمياء البوليمرات، ومتخصص فى كيمياء المنتجات الطبيعية، ومتخصص فى علم الحشرات، وذلك للتحكم فى معدل خروج الجرعة المميتة من المركبات  الطبيعية محل الاهتمام مما يزيد من تخصصية المبيد والتقليل من سعر تكلفة الاستخدام. 

العالمة الأمريكية مارثا نوسباوم: أنا معجبة بحيوية المرأة العربية ونجاحاتها

$
0
0
مؤكدة أن الهند نموذج ديموقراطي ناجح لم تتدخل بريطانيا في إرساء قواعده

العالمة الأمريكية مارثا نوسباوم: أنا معجبة بحيوية المرأة العربية ونجاحاتها

رشيد فيلالي - الجزائر

مرة أخرى تنفرد مجلة عربيات بمحاورة واحدة من أكبر فلاسفة ومفكري الألفية الثالثة وهي الأمريكية  الشهيرة البروفيسورة مارثا نوسباوم Martha Nussbaumالأستاذة حاليا بجامعة شيكاغو، وصاحبة الإسهامات الرائدة في حقول علمية مختلفة لا سيما في ميادين الفلسفة والسياسة وعلم الاجتماع والدفاع عن حقوق الإنسان، ولها في ذلك مؤلفات ذات شأن، ترجمت لأهميتها القصوى إلى جميع اللغات العالمية، نالت أهم وأشهر الجوائز التكريمية، آخرها الجائزة المعروفة "أمير آستورياس"عام 2012 في العلوم الاجتماعية، وفي اللقاء التالي نتعرف عن كثب على آراء البروفيسورة مارثا نوسباوم حول أبرز القضايا التي تشهدها الساحة العربية والعالمية الراهنة.

 

التعليم قد يقود الغرب للنظر إلى المسلمين كبشر كاملين الأهلية

في كتابك "التعصب الديني الجديد"ذكرت بأن الجهل بالإسلام هو السبب في ظهور ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا "في أوروبا،هل تتصورين بأن التعليم كاف لحل هذه المعضلة، ألا تعتقدين بأن وسائل الإعلام يلعب دورا سلبيا في تشويه صورة الإسلام بأمريكا وأوروبا لأسباب سياسية بالدرجة الأولى ؟
في الواقع، أنا أجد ضمن كتابي الذي ذكرت أكثر من سبب واحد للموجة الحالية من الخوف وعدم الثقة التي تستهدف الإسلام، ومن بين هذه الأسباب أن أوروبا لم تعتمد المبادئ الدستورية المشتركة الخاصة بحرية المعتقد و احترام المساواة في هذا الشأن، ففي كتابي قدمت شرحاً وافياً حول تطور الدستور الأمريكي وأثمن الحل الذي يطرحه، غير أنه مع ذلك ظل هناك مشكل عميق، وهو مسألة الهوية الوطنية، فالولايات المتحدة شأنها شأن بلدان مثل الهند، وأستراليا، وكندا وإفريقيا الجنوبية وعدد غير قليل من الدول الأخرى ترتكز هويتها الوطنية على مبادئ سياسية محضة، فإذا تقبلت هذه المبادئ ووافقت على العيش وفقها فستكون مواطناً مستوفياً كامل الحقوق، وبالنسبة للأوروبيين فقد اعتمدوا معياراً يتضمن مفهوماً مغايراً للهوية وهو مؤسس على الأفكار الرومانسية التي من بينها التراب، الدم، السلالة و اللغة باعتبارها من صميم الانتماء الوطني، ولهذه الأسباب مجتمعة فهم يجدون صعوبات بالغة في تقبل المهاجرين الجدد، الذين لهم مظاهر مختلفة عنهم ، حيث بالفعل  كل شخص يصر في الحفاظ على هويته العرقية والدينية يعامل بتمييز ويقصى، وفي هذا السياق أذكر بأن اليهود في أوروبا خلال القرن الثامن عشر كانوا يعاملون بنفس المعاملة التي يلقاها المسلمون اليوم.

وفي تصوري أن التربية والتعليم هما بالفعل ضروريان، وبخاصة إذا كان هذا التعليم يمس الخيال ويدفع الناس إلى رؤية المسلمين كبشر مثلهم و متساويين معهم في الحقوق، ولكن ذلك لن يكون كافيا ًدون تغيير في الطريقة التي يتم بها تصور الأمة والانتماء.

الهند نموذج ديموقراطي ناجح لم تتدخل بريطانيا في إرساء قواعده

هل تعتقدين بأن الربيع العربي يعد مطية للإنسان العربي من أجل الحصول على حريته وكرامته، و ما هي رؤيتك لمستقبل العالم العربي في ظل الأحداث الكبرى التي شهدها إبان السنوات الأخيرة ؟
أنا لست خبيرة في شؤون العالم العربي، فعملي حول الإسلام  وقد ركزت فيه خاصة على نموذجي الهند وبنغلاديش، اللذين لهما تاريخ مختلف تماماً، وأتصور بأن السؤال المهم هو كيف توصلت الهند إلى الوصول إلى حكم ديمقراطي تعددي ناجح، حيث لعب المسلمون فيه دوراً نشطاً، صحيح لم يخلو ذلك في بعض الأحيان من العنف والتمييز، ومع ذلك فالمواطن الهندي صار يفتخر بهذا الإنجاز، فكيف يا ترى نجحت الهند في تطويع نظام مثل النظام الديمقراطي الذي يحترم فعلاً المساواة بين المواطنين؟، وماذا يلزم  البلدان العربية  كي تحاكي هذا النظام الناجح؟
من هنا نشير إلى أن قيادة غاندي ونهرو تعد جزءاً مهماً من هذا الإنجاز التاريخي، لكن يبقى من غير الواضح حتى الآن أن القادة المتمسكين بتحقيق المساواة بين المواطنين سوف يبرزون في العالم العربي، كما أريد أن أشير أيضاً إلى الدور الذي لعبه الدستور الهندي المتميز، الموضوع من طرف بي آر أبدكار وهو من "الداليت " (أو من طبقة "المنبوذين"حسب التسمية القديمة)، والذي يتضمن حماية واسعة للأقليات والنساء.
وأخشى أن مصر-مثلا- لا تملك نفس الدستور –على الأقل حتى الآن، الشيء الآخر الذي ينبغي أن نقوله ضمن هذا السياق، هو أن البريطانيين رغم ما حققوه من نجاحات هائلة في الكثير من النواحي، إلا أنهم لم يرسوا أي أساس للديمقراطية في الهند  من خلال دعمالإصلاح القانونيوسيادةالقانون، و ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان هذا الأساس قد تم بناءه في العالم العربي.
وعلى نفس الصعيد، يكشف المنشق الإيراني أكبر غانجي في كتابه الممتاز "الطريق إلى الديمقراطية في إيران"أن الشروط المسبقة للديمقراطية موجودة في إيران، وحدها تقريبا بين دول العربية ( نذكر من بين هذه الشروط المستوى العالي في مجال التعليم، مجتمع مدني مهيكل بشكل جيد،حركات شبابية قوية، واستقلالية المرأة) غير أن إيران لم تتمكن من تكريس الديمقراطية في بلدها بسبب واحد هو القمع الوحشي، كما يعتقد هذا الكاتب بأن  شروط الديمقراطية وضعت بشكل غير مكتمل في أنحاء أخرى من العالم العربي.

في كتبك نجد دفاعاً مستميتاً عن العلوم الإنسانية، خصوصا في مواجهة تكنولوجيات الاتصال الجديدة، بروفيسورة ألا تعتقدين أن أفكارك، وعلى الرغم من أنها تمثل دفاعاً مشروعاً عن الذكاء البشري، إلا أنها قد لا تؤثر في هذا العالم الذي يستسلم تماما إلى مغريات تكنولوجيات الاتصال الحديثة نظراً لخدماتها المتعددة؟
في الحقيقة إن كتابي في هذا المجال لم يوجه إلى الذين يعتقدون بأن التكنولوجيا هي مسألة ثروة فحسب، بل تحديداً للأشخاص الذي يؤمنون بالحرية السياسية وقضية الديمقراطية، وكان هدفي من ذلك هو حث الناس على دعم العلوم الإنسانية، مبرهنة على أنها هامة لبقاء و استمرار الديمقراطية، وفي تصوري أن هناك شريحة واسعة من الناس يمكنها أن تنتصر في هذا الشأن حتى ولو كان في مقدورها عدم تشجيع العلوم الإنسانية عن حب أو ذوق خاص.

المرأة الأمريكية تحلم بشغل مناصب في السلطة مقارنة بالهند

و ما هو رأي البروفيسورة نوسباوم في قضية المساواة بين الرجل والمرأة التي ما زال يدور بشأنها جدل كبير في أوساط المثقفين وخاصة في مجال الحرية، على اعتبار أن هناك فارقاً شاسعاً ما بين مفهوم الحرية لدى المرأة الهندية والسويدية ،على سبيل المثال، فهل برأيك ثمة معيار مشترك لمفهوم الحرية عند نساء العالم أجمع؟
لا أدري لماذا وضعت مقارنة ما بين الهند والسويد، لقد أمضيت زمنا طويلا في الهند وأعتقد بأنك ستجد من الصعوبة بمكان إيجاد بلد يلتزم بعمق في تكريس المساواة مع المرأة، ففي الهند النساء يشغلن مناصب في السلطة مازالت المرأة الأمريكية تحلم بها، على سبيل المثال كانت كوشيك باشو مستشارة اقتصادية للرئيس مانموهان سينغ وفي نفس الوقت رئيسة جمعيتنا الخاصة بالتنمية والقدرات البشرية، كما أنها باحثة كبيرة أمضت سنوات طويلة من مسيرتها المهنية في الكتابة حول المساواة ما بين الجنسين، والوكيل العامالحالي للهند أنديرا جيسينغ، تعد من المدافعين القانونيين عن الحركة النسوية وهي التي أنشأت المنظمات غير الحكومية الرائدة التي تعمل في مجال المساواة بين الجنسين، كما أن المستشارة الرئيسية لصونيا غاندي هي جين دريز الباحثة الاقتصادية التي ساهمت في تأليف كتب مشتركة مع أمارتيا سن (المتحصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1998) كما عالجت العديد من القضايا الخاصة بالمساواة بين الجنسين، وحتى لدى المعارضة فإن مسألة المساواة بين الجنسين تظل من أبرز الأولويات التي لا تجرؤ المعارضة من الجمهوريين في الولايات المتحدة على اتخاذ نفس مواقفها، وكل هذا يعني أن هناك التزاما شعبيا كبيرا ضمن هذا المجال في الهند، وهذا في الحقيقة منهج متبع منذ زمن ليس بالقريب، حيث أن غاندي ونهرو كانا من أشرس المدافعين عن المساواة بين الجنسين وقد منحا للمرأة مناصب سيادية في الحكم.
وفي عدد كبير من الولايات الهندية تشغل المرأة منصب رئيس وزراء ،وفي المجال الأكاديمي فإن للمرأة نفوذا لم تحصل عليه أي امرأة في أي دولة أخرى في العالم حسب معرفتي الشخصية ، وعليه فإن الفجوة ما بين الجنسين في الهند فيما يخص فرص التعليم والعمل غير موجودة على مستوى الطبقات المثقفة، وهي بالتالي تستمر في المناطق الريفية مشكلة عائقا كبيرا في مسيرة التقدم الاقتصادي بتلك المناطق، وعليه يجب القول بأن المشاكل في هذا الشأن لا تزال ذات شأن لكن مع  الالتزام والتضامن العام لمواجهة هذه الصعاب فإنني أعتقد أن المستقبل يبدو أكثر إشراقا.

المرأة في السويد، تتأرجح مكانتها في المجالين الأكاديمي والسياسي

وفيما يتعلق بالحالة السويدية فإن هذا البلد صحيح يعاني من عنف جنسي أقل مقارنة بالولايات المتحدة والهند والنساء يبرزنا على نحو جيد في المجال السياسي، لكن على المستوى الأكاديمي فإنهن يبقين بعيدات في الخلف، ويرجع ذلك إلى تقاليد النصح والإرشاد وزواج الأقارب وشخصيا لا أريد أن يكون لي مستقبل مهني في السويد !
ولو خيرت ما بين الهند والسويد فقد يكون ذلك بالنسبة لي لحظة حرجة وصعبة، لأنني أعتقد بأن النساء الجامعيات يعاملن بطريقة أحسن في الهند غير أن المناخ العام في السويد أفضل بالنسبة لي، كوني لأزال مغنية هاوية أعاني من عديد الحساسيات..
وأعود إلى سؤالك "هل هناك معيار مشترك لمفهوم الحرية لدى كل نساء العالم؟"
نعم، أعتقد أنه يوجد هذا المعيار، إن ملف اللجنةالمعنية بالقضاء علىالتمييزضد المرأة CEDAWيعد وثيقة عالمية كتب وصدّق عليها من طرف كل نساء العالم، حيث أجد اختلافات طفيفة بين الأمم، على سبيل المثال، فإن السويد يعد البلد الأكثر رفضا لعدم تجريم العمل في مجال نوعية الجنس مقارنة  بالدنمارك أو الهند، لكن هذه قضية تحتاج إلى برهنة أكثر تفصيلا، غير أنه فيما يتعلق بالقضايا الكبرى وخاصة تلك التي تضمنها ملف اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة فإن هناك اتفاقا وإجماعا شبه كلي.

المرأة العربية قفزت في المجال الأكاديمي وتحتاج إلى المزيد سياسياً واقتصادياً

و ما رأيك في المرأة العربية المعاصرة ؟
مرة أخرى، أقول بأنني لست مختصة في الشؤون العربية، حيث أعمل كثيراً في الهند وأغلبية النساء المسلمات اللائي أعرفهن هم في الولايات المتحدة، غير أنني بناء على الزيارات التي أقوم بها إلى الأردن أو لبنان، فإنني معجبة جدا بالطاقة الحيوية وكذا النجاح الذي حققته النساء العربيات، وقد تم عقد الاجتماع السنوي لجمعية التنمية البشرية في العاصمة الأردنية عمان، وفي حرم الجامعة ذهلت حين اكتشفت بأن 75% من طلبة هذه الجامعة المتميزة هم من الإناث، وهن يشكلن مجموعة مثيرة فعلا للإعجاب، وذات الشيء بالنسبة لطالبات الجامعة الأمريكية في بيروت، وأتصور أن المرأة في هذين البلدين لا تزال مع ذلك بحاجة إلى قطع أشواط معتبرة في مجال المساواة بين الجنسين في الميدان السياسي والاقتصادي، علما بأنهن خطونا خطوات كبيرة  في ميدان المهن و التربية والتعليم، وعليه فهن فقط بحاجة إلى توسيع رقعة هذا النجاح الملحوظ، أما بالنسبة للمرأة المصرية فهي في وضع أكثر هشاشة وعدم استقرارن.

 

حق المرأة في الحجاب مكفول، والأوربيون متشددون حيال ذلك

لقد دافعت بشراسة عن الحجاب والنقاب، وهو موقف معتدل نادرا ما يلاحظ عند امرأة غير مسلمة، كيف استطعت تجاوز مورثوك الثقافي للوصول إلى هذه القناعة الإنسانية وبالتالي الانفتاح على الآخر المختلف عنك؟
أتصور بأن دفاعي عن اختيار ارتداء الحجاب أو البرقع (وطبعا دفاعي مبني على أن يكون هذا السلوك اختياريا وليس مفروضا بالقوة والعنف)، قد تم قبوله بشكل واسع في الولايات المتحدة وهو الموقف الغالبية الساحقة، ويبدو أنه حتى الجمهوريين المحافظين اتفقوا مع هذا الرأي ، والبعض من أفراد عائلتي محافظون جدا، كما تابعت أيضا حصصا كانت تبث من محطات إذاعية محافظة، وعليه فقد عرفت فيما بعد أن هناك إجماعا عاما على أن الناس حين يريدون أن يعبروا عن قناعاتهم الدينية باللباس، فإن لهم كامل الحق في ذلك، لكن في أوروبا الوضع يختلف تماما، فإن أرائي اعتبرت وكأنها خارج التيار الغالب و حتى "هجومية ".
ومن هنا واستنادا إلى طبيعة المشاكل التي سبق لي ذكرها أن الأوروبيين يعتقدون بأن الناس يجب أن يذوبوا  ويتبنوا أفكار العرق المسيطر، كما أنهم يعتقدون بأن الدين نفسه يعد من الأفكار المنتمية إلى ما "قبل الحداثة "وبالتالي فإن كل لباس ديني يعد محرجا، وأتصور بأنني كيهودية و أرتل في معبدي يجعل الناس في أوروبا غير مرتاحين، وعليه ما العمل؟
أعتقد أنه علينا أن نعيش حياة دينية منفتحة والحديث بحرية، وإظهار ذلك في حياتنا، طالما أننا مواطنون ملتزمون و من حقنا التعبير عن هويتنا الدينية، وهذا ما أقوله عادة لطلابي المسلمين في الجامعات الأمريكية عندما يطلبون نصيحتي في هذا الشأن، غير أنه في أوروبا فإن وضعهم سيكون صعبا جدا، على اعتبار أن الفكرة الرئيسية المبنية على الاحترام المتبادل لم يتم قبولها بعد، وطالما أن الدول الأوروبية تستدعي المهاجرين الجدد إليها بغرض القيام ببعض الأعمال التي تحتاج إليها، فإنني آمل أنه مع مرور الوقت سوف تتغير مثل هذه المواقف المتشنجة، والأمر على كل حال يشبه أن نستضيف البعض لكي نعاملهم بفظاظة عندما يصلون إلينا.

 التمييز يهدد سكان المناطق النائية من العالم

العالم السياسي اليوم يعتمد في المقام الأول على القوة والمصلحة، وأنتِ ترين بأن الكرامة البشرية وتكافؤ الفرص هي جوهر العدالة الاجتماعية والحرية، كيف يتم التوفيق بين هذين المبدأين المتناقضين؟، أليس هذا الصراع الجدلي يعد وقود المحرقة الإنسانية منذ أزمنة سحيقة؟
أعتقد أنك متشائم جدا في مجال السياسة، وبالتأكيد هناك دور كبير تلعبه القوة والمصلحة، هو أمر ليس بجديد، لكن في الوقت الحاضر لدينا حركة مزدهرة فيما يخص الدفاع عن حقوق الإنسان،وفي تصوري أننا ببساطة في حاجة للحفاظ على الحديث عن أهمية هذه القيم، ودعم الناس الذين يناضلون من أجل تحقيقها، وفي الوقت نفسه علينا أن نعمل لكي تكون أمتنا مهما كان وضعها تطبق المعايير الإنسانية العليا التي تتحدث عنها، وأنا أرى بأن الناس عادة يظنون بأن التهديدات التي تطال الحرية والمساواة لا تقع سوى في المناطق النائية من العالم، في حين أن نفس هذه التهديدات في الغالب توجد على مرمى حجر من منازلهم.  

الأميرة عادلة بنت عبدالله

الدكتور غازي القصيبي

الخبير الأمريكي دارولد تريفيرت يكشف لـ"عربيات"أسرار العبقرية

$
0
0
عقاقير العبقرية ليست سوى خدع تجارية

الخبير الأمريكي دارولد تريفيرت يكشف لـ"عربيات" أسرار العبقرية

عربيات- الجزائر: رشيد فيلالي

هل يمكن لإنسان عادٍ أن يصبح عبقريا؟ هل صحيح أن العرب لم ينجبوا على غرار غيرهم من الأمم عباقرة عظام تفتخر بهم الإنسانية؟ ما هو سر ظاهرة الحوادث التي يتحول بعدها أشخاص بسطاء إلى نوابغ وأصحاب مواهب استثنائية؟ وكيف نفسر ظاهرة مرضى التوحد الذين يعانون من تخلف عقلي ورغم ذلك يستطيعون القيام بحل معادلات رياضية في غاية التعقيد والصعوبة؟

 

أسئلة محيرة
تلك الأسئلة جملة من الأسئلة المحيرة التي ظلت لعدد من السنين محل أخذ ورد من طرف العلماء والباحثين الذين رغم تعمقهم في دراسة هذه الظاهرة الإنسانية المحيرة، إلا أن هناك نقاطا عمياء لا تزال حتى الآن تبقى غير جلية المعالم، وهي بالتالي بحاجة إلى التعمق فيها أكثر بقصد معرفة جوهرها وطبيعتها المكنونة. وضمن هذا المجال حاولنا في عربيات استطلاع آراء مختص في هذا الموضوع الشائك والغامض وهو البروفيسور الأمريكي دارولد تريفيرت  Darold Treffert أستاذ الطب النفسي في جامعة وسكنسون والذي قضى قرابة 50 عاما في ميدان البحث حول ما يسميه بـ"متلازمة العباقرة"وهو مؤلف الكتاب الشهير "جزر العبقرية Islands of Genius". والبروفيسور دارولد تريفيرت من أبرز المشاركين في استديوهات القنوات الأمريكية المعروفة، كما أنه وراء إعداد فيلم "رجل المطر"الذي أدى بطولته النجمان داستين هوفمان وتوم كروز ونال أربع جوائز أوسكار عام 1988م.

 

عقاقير العبقرية
وفي البداية لنتساءل حول طبيعة بعض العقاقير التي يزعم حاليا كثيرون بأنها تساهم في تطوير الذكاء وتقوية الذاكرة، هل هي بالفعل كذلك؟ أم أنها ليست سوى خدع تجارية تضر بالمستهلك أكثر مما تنفعه؟ وقد سألنا البروفيسور دارولد تريفيرت حول هذه المسألة، فأجاب قائلاً: "هناك بالفعل عقاقير يمكنها تنشيط وتقوية الذاكرة مؤقتا ومنها المنبهات المعروفة ذات الجرعات المحدودة على غرار الكافيين مثلا، ودون ذلك غير صحيح". لكن ضمن هذا السياق نلاحظ أنه كثيرا ما يتردد الحديث عن العبقرية و كأنها قوة ميتافيزيقية عصية عن الفهم و التحليل إلا أن البروفيسور دارولد تريفيرت له رأي آخر، حيث يقول: "ليس هناك أي بعد ميتافيزيقي بشأن العبقرية، فالذكاء والإبداع لدى البشر نجدهما على شكل جرس، هناك أشخاص لديهم الحد الأدنى منهما لأسباب متعددة منها وراثية، أو نتيجة حادثة، أو نقص التعليم.. إلخ لكن الغالبية منا يصنفون في الوسط، فيما يصنف العباقرة والنوابغ في الجهة الأخرى كحالات استثنائية، وجميع هذه الحالات تخضع لنشاط المخ الذي نحاول كباحثين معرفة كيف يعمل، بسبر ديناميكيته، تشعب اتصالاته، كيميائيته، فهو جهاز بالفعل معقد جدا لكنه غير ميتافيزيقي، وفي الحقيقة نحن بحاجة فقط إلى إمكانيات أفضل وفي الوقت الراهن مازلنا نتعامل مع المخ من خلال التصوير الوظيفي ومن أكبر العوائق في هذا المجال أن المخ ليس كغيره من الأعضاء الأخرى مثل القلب والكبد، فهو يوجد بداخل جمجمة يصعب اختراقها، ما يدفع إلى الاعتماد على التصوير في الوقت الراهن، وعليه فإن معرفة أسرار عمل المخ يظل رهينة إمكانياتنا المحدودة فحسب".

 

سر العبقرية المكتسبة
ويعتقد البروفيسور تريفيرت أن هناك حوادث تصيب بعض الأشخاص على مستوى المخ، مما تجعل منهم أصحاب مواهب خارقة للعادة ، وهذا ما يطلق عليه علميا مصطلح "متلازمة العباقرة Savant syndrome"فهل هذه الظاهرة تقتصر على الغرب فقط أم يمكن أن تتكرر في عالمنا العربي أيضا؟ ولمعرفة الجواب طرحنا السؤال على البروفيسور تريفيرت، الذي أجاب: "أنا أشك في كون ظاهرة متلازمة العباقرة لا تقع في العالم العربي أو في ثقافات أخرى لكن هذه الحالات قد لا تجلب الانتباه، كما هو الحال في الغرب، ولأن كتابي "جزر العبقرية"قد ترجم إلى العربية، فقد يكون له الفضل في تعريفي بمثل هذه الحالات العربية حتى ولو كانت اللغة عائقا في التعريف بهذه الحالات ضمن الأدبيات العلمية، وتعتبر متلازمة العباقرة عبارة عن مرض نادر يصيب بعض الأشخاص فجأة على إثر إصابة في الدماغ من الجانب الأيسر مما يحرر لديهم قدرات خارقة كانت كامنة في مناطق مجهولة في الدماغ، وفي اعتقادي أنه لدينا جميعا هذه القدرات الخارقة الكامنة". لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق لماذا لا يزال العلم غير قادر على تحديد موضع القدرات الكامنة في المخ رغم دراسة العديد من الحالات المتعلقة بمتلازمة العباقرة؟ حول هذا السؤال يجيبنا البروفيسور تريفيرت بالقول: "إن الذكاء والإبداع والذاكرة ليس لها مكان محدد ومعين في المخ، على اعتبار أنها تخضع لعمل معقد تشترك فيه عدة مناطق مجتمعة في المخ، كما يجدر الذكر أنه لا يوجد ذكاء واحد بل عدة أنواع من الذكاء، لقد حاولت شرح ذلك بتوسع في كتابي "جزر العبقرية"والذي كما قلت لك ترجم إلى العربية وقد يكون وراء اتصالك بي حول هذا الموضوع، حيث أنا في شوق لمعرفة حالات من متلازمة العباقرة في العالم العربي".

الغربيون يوظفون الشق الأيسر من المخ فقط
والحقيقة أن العقل العربي شأنه شأن العقل الغربي يعمل بنفس الخصائص والقدرات وإن كان البعض يريد زرع الريبة في هذا المجال لدواع عنصرية أو إيديولوجية بحتة، وحول هذا الموضوع طرحنا السؤال على البروفيسور تريفريت وكان رده كما يلي: "إن الولايات المتحدة والبلدان الأنغلوفونية (الناطقة بالإنجليزية) عامة تعمل على توظيف الشق الأيسر من المخ (أي التعامل بالمنطق وامتلاك قدرات لغوية) وهذا له طبعا إيجابياته، لكن توظيف الشق الأيمن من المخ (الموسيقى، الفن، والتفكير التجريدي والتأملي) لم يتم إعطاؤه الأهمية اللازمة أو لم يوظف كفاية، وأريد من خلال كلامي القول بأننا جميعا نملك قدرات عظيمة كامنة، ولأسباب ثقافية محضة نعمل على دعم توجهات معينة على حساب أخرى تظل بعيدة عن الاهتمام لتتوارى في الأعماق، وبناء عليه نحن لسنا عباقرة، مثل موتزارت وآينشتاين في حالة كمون، لكننا جميعا نملك قدرات نائمة و"متلازمة العباقرة"تؤكد ذلك،هناك عدة عوامل جعلت من أشخاص معينين عباقرة بعضها وراثي محض، ولأننا لسنا مؤهلين لكي نجعل الجميع عباقرة لكن بالجهد والتربية  يمكن للكثير منا الرفع من مستوى ذكائه وإبداعه".

لكن هذا التحليل قد يبدو لنا متناقضا مع مقولة المخترع الأمريكي الشهير توماس إديسون الذي أكد بأن العبقرية هي واحد في المائة موهبة و99 في المائة الباقية جهد، وحول ذلك يجيبنا البروفيسور تريفيرت بالقول: "إن العبقري الحقيقي يملك قاعدة وراثية وقدرات فطرية، صحيح أن اكتساب الموهبة قد يخضع لبذل جهد كبير لكن العبقرية لا تخضع للجهد فقط، والأمر أكثر تعقيدا من ذلك، وأنا لا أعتقد بأن العبقرية تتكون من 99 في المائة جهد، هناك في تصوري استعدادات طبيعية تخضع بالطبع لعمل كبير كي تبرز ولدينا جميعا هذه الاستعدادات الكامنة ويبقى فقط العمل هو الجانب الذي يحسم النتيجة".

 

الحجاب يدعم مشاركة المرأة في الحياة العامة

$
0
0

من أقوال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

$
0
0
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

من أقوال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم


Insulting 1.6 billion Muslims worldwide is not an act of freedom of speech, and violence is not the answer

خان الغرب حرية التعبير التي يعتبرها أهم القيم التي يؤمن بها عندما جعلها هشة للحد الذي يدفعه للثأر والاستفزاز بإعادة طباعة ونشر رسوم مهينة لرموز وقيم غيره والتهافت على شراءها حتى وصلت أسعار بيع النسخ في المزادات خارج فرنسا لمئات آلاف الدولارات.
من يثق في قيمه ومعتقداته ليس بحاجة لأن يصاب بالجنون خوفاً من أن يفقدها، وحرية التعبير عندما ننزع منها احترام الآخرين تفقد قيمتها. هذا لا يقلل من الجريمة البشعة ومحاولة الرد على سخافة فكرية بالقتل. الجانب الوحيد المشرق هو انتشار جديد وفعال للسيرة النبوية ومقولات سيد الخلق في الشبكات الاجتماعية.

support the hashtags: #I_love_Muhammadand #WhoIsMuhammad

كان لك في أعناقنا بيعة، وفي قلوبنا حب

$
0
0
في رثاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز

كان لك في أعناقنا بيعة، وفي قلوبنا حب

رانية سليمان سلامة

الدكتور فهد العرابي الحارثي يستشرف مستقبل الإعلام السعودي

$
0
0
مؤسسات الإعلام الحكومية ستتحول إلى مؤسسات مستقلة، والإنترنت فرضت على العالم تقاليدها

الدكتور فهد العرابي الحارثي يستشرف مستقبل الإعلام السعودي

خاص

اختار أن يسبر أغوار الظواهر الفكرية والاجتماعية والاقتصادية من خلال مجهر مركز "أسبار"للدراسات والبحوث، وأردنا أن نستشرف معه مستقبل الإعلام السعودي وهو الخبير الذي يستند إلى تجربة طويلة في هذا المجال بدأت بصحيفة الندوة وانتهت إليها، ومرت بمرحلة انتقالية شهدتها الصحافة السعودية عندما خرجت صحيفة الوطن من معمل أبحاثه كأحدث الصحف السعودية تأسيساً وربما أكثرها تأثيراً، الدكتور فهد العرابي الحارثي ضيفنا اليوم يستضيف قراء "عربيات"في جولة تعرج على الماضي وتستشرف المستقبل الذي تتطلع إليه دراسة إعادة تأسيس صحيفة الندوة، ويترقبه الإعلام الجديد الذي ترأس فريق إعداد مشروع نظامه.


حصلت على درجة البكالوريوس في اللغة العربية ، فأين تقف اليوم بين المطالبين بالتركيز على تأسيس الطلاب بها في المدارس وبين التوجه إلى اعتماد اللغة الإنجليزية للتدريس باعتبارها لغة العلوم؟
اللغة العربية هي لغة الدين ولغة المخزون الثقافي والفكري والتاريخي للأمة، وهي اللغة التي ينبغي أن تتولى مهمة التعبير عن وجدان الناس وتطلعاتهم وهي لغة التفاهم فيما بينهم وينبغي أن نعمل على أن تكون هي في الوقت نفسه لغة العلم نظراً لما طرأ على عالم اليوم من تغيرات جذرية فيما يتعلق بالصلات والعلاقات بين أممه وشعوبه وفيما يتصل أيضا بإدارة الاقتصادات الجديدة فرضت على هذا العالم أن يكون هناك لغة مشتركة توفي بهذه الأغراض وتحقق أهداف العولمة، وكانت اللغة التي أخذت مكانها في هذا السياق بكل قوة واقتدار هي اللغة الإنجليزية نظراً لظروف كثيرة لا تخفى على أحد وهى أنها أي "اللغة الإنجليزية"لغة القوي المتمكن في الجانب العلمي والتقني والاقتصادي، لا مفر اليوم من أن تكون هذه اللغة هي لغة العالم فيما يتعلق بتأمين الحدود المقبولة من علاقاته وصلاته، وفيما يتصل بمتابعة مستحدثاته ومستجداته العلمية والتقنية بل وحتى الفكرية، لهذا أنا أعتقد أن من الضروري أن نعلم طلابنا اللغة العربية وأن نعلمهم في الوقت نفسه اللغة الإنجليزية.

الإنترنت فرضت على العالم تقاليدها وأعرافها وإيقاعاتها

هل تخشى من (التهجين) الذي تتعرض له اللغة العربية في الاستخدامات اليومية على شبكة الإنترنت؟
الإنترنت فرضت على العالم اليوم تقاليدها وأعرافها وإيقاعاتها، وهي بالتالي أحدثت تأثيرات قوية ومهمة على لغات العالم، ولا نستطيع أن نستثني اللغة العربية من ذلك، فالملاحظ اليوم في التعاملات الإلكترونية وفي التواصل عن طريق الإنترنت، أن هناك لغة أو لغات جديدة تتشكل هي هجين ما بين اللغات المحلية واللغة الإنجليزية على وجه الخصوص، لأن ما يبث عبر الإنترنت اليوم هو في معظمه من حظ اللغة الإنجليزية دون لغات العالم الأخرى، وبنسبة لا تقاس، فالمحتوى الذي يتدفق عبر الإنترنت هو في غالبيته العظمى محتوى مكتوب ومقدم للناس باللغة الإنجليزية، هذا فضلاً عن أن تقنية الإنترنت نفسها خلقت أو أوجدت مصطلحات لابد أن تأخذ بعين الاعتبار، وهذا لا يعني ألاّ يكون هناك محاولات جادة من خلال المؤسسات المختصة والمعنية بأن يكون للعرب وجود أقوى على الإنترنت وأن يكون لهم أيضاً لغة تتعلمها الأجيال للتعامل مع ثورة الاتصالات الجديدة، لقد فرضت الإنترنت أشكالاً جديدة للتعبير وهي قدمت تسهيلات كبيرة لمشاركة كل الناس في التواصل مع كل الناس، وبالتالي فإن هذا يفترض أو يقتضي أن تكون هناك مزيد من التنازلات على الصرامة التي عرفتها لغة الكتابة في أزمنه سابقة، وهي تنازلات على البناء، وتنازلات على الأسلوب، وتنازلات بلاغية وبيانية أيضاً.

من جامعة أم القرى إلى السوربون، كيف تمكنت من حجز مقعدك في الجامعة الباريسية؟
لا أظن أنني أتيت في ذلك بمعجزة، فأنا فعلت كما يفعل الطلاب المبتعثون الآخرون، فجامعة السوربون هي إحدى الجامعات التي لا تميز بين الأجناس والأعراق والثقافات، وقد دخلتها كما يدخل أي طالب سعودي آخر في أي جامعة غربية أخرى.

حصلت من السوربون على دكتوراة الدولة فما هو الفرق بينها وبين دكتوراة الجامعة؟
يعتقد الفرنسيون بأن دكتوراة دولة هي أكبر شهادة دكتوراة في العالم، وهم يمنحون شهادات أخرى مثل دكتوراة الجامعة أو مثل دكتوراة الدرجة الثالثة وأعتقد أنهم مؤخراً اكتشفوا أنهم لابد أن ينتظموا في سياق ما تقدمه جامعات العالم الأخرى من درجات، فوحدوا هذه الأنواع الثلاثة من الدرجات العلمية في درجة علمية واحدة سموها "الدكتوراة الجديدة".

هل كانت لك مشاركات أو أطروحات في الصحافة الفرنسية أثناء دراستك في السوربون؟
لم تتهيأ الفرصة لي في تلك الأيام لأي مشاركة في الصحافة الفرنسية، كنت في تلك الأيام أدير مكتباً صحافياً سعودياً في العاصمة الفرنسية يضم خمسة مراسلين ويغطي دول أوربا الغربية ودول شمال أفريقيا ولكنه كان يعمل لصالح الصحافة السعودية.

البرزخ بين الابتعاث القديم والابتعاث الجديد

بالرغم من أن المبتعثين إلى الخارج فيما مضى كانوا أقل عدداً إلا أن العائد من عملية الابتعاث كان أكبر، هل تتفق مع هذا الرأي؟ ولماذا؟
لي ملاحظات كثيرة على نظام الابتعاث إلى الخارج في السابق وفي الحاضر أيضاً، فبالنسبة للابتعاث في السابق، أظنه كان عشوائيًّا، ولم يحظ بالاهتمام اللازم فيما يتعلق بتحديد التخصصات المهمة التي تحتاج إليها البلاد، ربما يعذرنا التاريخ في تلك الأيام بأننا كنا في حاجة لكل التخصصات، لكني أعتقد انه كان ينبغي أن يكون لنا أولويات في التخصصات العلمية التي نبتعث من أجلها طلابنا إلى الخارج، اليوم أصبح الابتعاث أكبر عدداً من السابق، وأظن أن هناك تقنيناً للتخصصات التي نحتاج إليها، وأنا متفائل جدًّا بنتائج الابتعاث على الصيغة التي نقرأ عنها اليوم، طبعاً هذا لا يقلل أبداً من أن الابتعاث في القديم أدى دوراً كبيرا في ملء الكثير من الاحتياجات التنموية، وإن لم يكن بالصفة المثالية التي كنا نريدها، فقط أريد أن أقول بأنني نادم على السنوات الطويلة التي شكلت ما يشبه البرزخ بين الابتعاث القديم والابتعاث الجديد، أعني تلك المرحلة التي توقف فيها الابتعاث نهائياً إلى الخارج، إنني أرى أن الابتعاث إلى الجامعات المهمة في الخارج، وإلى البيئات العلمية والتقينة الجديدة، أمر مهم لنهضة البلد، ولنا في تجربة اليابان خير مثال، فلم يكن أمام الإمبراطور "ميجي"في اليابان لكي يحقق النهضة الحديثة لبلاده إلا أن يطلق شعاره الشهير "اذهبوا إلى الغرب وتجاوزوه"وكان هذا هو ما حقق النهضة الحديثة اليابانية.


الندوة ستحقق ماهو مطلوب على المستوى الورقي، وماهو متوقع على المستوى الإلكتروني

 أول عمل صحفي لك كان في صحيفة الندوة، ومن خلال مركز أسبار اليوم تقوم بإعادة تأسيسها وإصدارها، فكيف توازن بين ارتباطك العاطفي بالصحيفة ورغبتك في استمرارها، وبين الآراء التي تؤكد أن فرص الصحف المطبوعة باتت ضئيلة في عصر الإعلام المرئي والإلكتروني؟
صحيفة الندوة هي صحيفة ذات حمولات ثقافية وتاريخية كبيرة، فهي من جهة تصدر من مكة المكرمة، وهي من جهة أخرى من أوائل الصحف السعودية التي أسهمت إسهاماً كبيرا في دعم التنمية الثقافية والفكرية والاجتماعية في هذه البلاد، إذ قدمت أسماء كبيرة في تاريخ الثقافة السعودية والإعلام السعودي، ولهذا لم يكن ينبغي لها أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من المشكلات والمعوقات التي أنهكت حاضرها، وجعلت المستقبل أمامها شديد الغموض، ولقد قيض الله لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي قدم لها كل ما يمكن أن يهيئ لعودتها قوية أخاذة بين مثيلاتها ورصيفاتها في الصحافة السعودية، وهي من هذا المنطلق ستعمل بفريق العمل الذي يعمل على إعادة تأسيسها اليوم على أن تأخذ بآخر ما توصلت إليه التجارب الصحيفة والإعلامية في العالم، سواء كان ذلك على مستوى الأداء أو على مستوى التقنية، وأعتقد أن هذه فرصة كبيرة لصحيفة الندوة أن تنطلق من حيث ما انتهى إليه الآخرون، وألاّ تتكبد من أجل ذلك أي أعباء كبيرة لاسيما فيما يتعلق بالتخلص من كل ما هو تقليدي، والانتظام مع كل ما هو جديد في عالم الإعلام اليوم، لعل التكلفة ستكون أكثر عبئاَ على المؤسسات الصحفية الأخرى، فهي من أجل أن تنتظم في السياق الإعلامي الجديد اليوم لابد أن تتخلص أولاً من مظاهر الإعلام التقليدي، وفي كل ما يتصل به من موارد بشرية ينبغي إعادة تأهيلها، ومن تقنيات جديدة ينبغي أن تقوم على أنقاض التقنيات القديمة، ولهذا فلا خوف أبداً على صحيفة الندوة التي افترضت سلفاً أنها في عصر الإعلام الجديد، فهي ستحقق ما هو مطلوب على المستوى الورقي، وما هو مطلوب ومتوقع على المستوى التقني والإلكتروني.

إلى أي حد اختلفت دراستكم التأسيسية لإنشاء صحيفة الوطن في عام 1997م عن دراستكم اليوم لإعادة تاسيس صحيفة الندوة، خصوصاً مع التغيرات التي طرأت على طبيعة الجمهور؟
الدراسات التأسيسية لصحيفة الوطن أنجزت منذ ثلاثة عشر عاماً، وبالتالي فهي ارتكزت على معطيات لم تعد في معظمها صالحة لهذا اليوم، وأعتقد أن الدراسة التأسيسية لصحيفة الندوة ستقوم على نمط آخر من الدراسات الاستشارية، وهذا النمط يعتمد على الأحدث، ويعتمد على تصورات مختلفة فرضتها التغيرات الهائلة التي مرت بعالم اليوم، أعتقد أن صحيفة الوطن نفسها في خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية شهدت تطورات مرحلية مختلفة، حتى أنني أجزم أنها اليوم قد تجاوزت العديد من نتائج الدراسات التأسيسة التي قمنا بها عند انطلاقها، وفي صحيفة الندوة استقطبنا عناصر مهمة على المستوى السعودي والعربي والعالمي لإنجاز الدراسات والاستشارات والمساهمة فيها، وأستطيع القول بأنه يشترك اليوم مع مركز أسبار وتحت إشرافه شركات عربية وعالمية، وشخصيات إعلامية أيضاً مرموقة على مستوى العالم سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو من العالم العربي أو من المملكة العربية السعودية ذاتها، وكل هذه العقول، وكل هذه الخبرات، تعمل اليوم على أن تكون الندوة نمطاً متقدماً وراقياً في أدائه وفي وسائله.

 لك تجربة في رئاسة مجلس إدارة جريدة الوطن بالإضافة إلى منصب المدير العام والمشرف على تحريرها، من خلال تلك التجربة هل تؤيد فصل الإدارة عن التحرير؟ ومتى يمكن الجمع بينهما؟
لكل أسلوب من هذه الأساليب الإدارية سلبياته وإيجابياته، وأعتقد أنه من المناسب أن نعطي الفرصة لكل مؤسسة أن تدير أمورها بما تراه يتلاءم مع ظروفها، ومع رؤيتها ورسالتها.

مؤسسات الإعلام الحكومية ستتحول إلى مؤسسات مستقلة

أين تقف بين مطالب إلغاء وزارة الإعلام والاكتفاء بوزارة الثقافة، وبين ضرورة وجودها لتعكس من خلال منابرها السياسة الإعلامية للدولة؟
يهمني شخصياً أن أؤكد على ضرورة استقلال الإعلام الأهلي عن الإعلام الحكومي، وأن تعطى له الفرصة لكي يقدم رسالته وفق السمت الثقافي والاجتماعي والتاريخي للبلاد، ووفق الأنظمة المرعية التي أقرها ولي الأمر، أما بعد ذلك فلا يهمني أن يكون هناك وزارة للإعلام أو وزارة للثقافة أو للاثنين معاً، أعتقد أن هناك تطورات سيشهدها الإعلام السعودي في السنوات القريبة القادمة ومن أبرزها أن الإعلام الرسمي نفسه سيتعرض لتغيرات جذرية أبرزها تحويل كثير من مؤسسات الإعلام الحكومية إلى مؤسسات مستقلة أو شبه مستقلة في إجراءاتها وفي إنجازاتها وتصوراتها عن وزارة الإعلام، وذلك مثل تحويل التليفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسسات مستقلة بمجالس إدارة مستقلة وبرؤية إدارية مختلفة عما هو عليه الحال اليوم، وهذه كلها إنجازات ستدفع بعجلة التنمية الإعلامية إلى مزيد من التقدم.

هل ترى في أي من الجمعيات والهيئات الإعلامية القائمة بديلاً لوزارة الإعلام في حال إلغائها؟
الجمعيات التي أشير إليها في السؤال لا يوجد في أنظمتها الداخلية أو سياساتها أو أهدافها أي شيء مما يمكن أن يوحي بأنها يمكن أن تضطلع بإدارة الإعلام في البلاد، فكل واحدة من هذه الجمعيات لها أهدافها الخاصة، ولها أنظمتها الداخلية الخاصة التي لا تقدم ما تقدمه وزارة الإعلام اليوم.

نظام الإعلام الإلكتروني تجاوز الأنظمة المتعلقة بالمطبوعات والنشر وواكب المعطيات الجديدة

ترأستم الفريق العملي الذي أعد مشروع نظام الإعلام الإلكتروني في المملكة العربية السعودية، وفي المفهوم العالمي يعتبر التنظيم في هذا المجال عبارة عن قوانين حماية ملكية فكرية تكفل للمحتوى الإلكتروني حقه  وتفرض عليه مراعاة حق غيره في الملكية الفكرية للمواد كما تقتصر العقوبات على المخالفات في مجال التحريض على العنف أو بيع الأعضاء البشرية وغيرها من الأنشطة غير مشروعة بشكل عام، فهل سينفرد نظام الإعلام الإلكتروني الذي عملتم عليه ببنود مستحدثة أخرى؟
أستطيع القول بأن ما يهدف إليه نظام الإعلام الإلكتروني الذي سيصدر في القريب هو الحد من الفوضى التي تعتري هذا النوع من الإعلام فقد أساء الكثيرون استغلال هذا الفضاء الرحب الجديد، الذي يشي بمجال أوسع من الحرية والمطلوب هو أن يكون هناك مسئولية اجتماعية وديينة وسياسية تحدد المضمار الذي ينبغي عدم تجاوزه فلا يتحول الإعلام الإلكتروني إلى معاول للهدم الاجتماعي أو الديني أو الثقافي، ثم أن هناك هدفاً آخر يصب في مصلحة الناشطين في هذا المجال، أستطيع أن أقول بأن النظام يركز على حفظ حقوق هؤلاء، وعلى تحويل الكيانات الهشة القائمة اليوم إلى كيانات قانونية شرعية تضمن للاستثمارات التي تضخ في هذا المجال الاستمرارية والنمو، ولا ينبغي إلى أن ينظر إلى النظام إلى أنه مجموعة من العقوبات وأنه وسيلة للقمع والحد من الحريات، فالنظام يكفل حرية التعبير للجميع، وهو في نفس الوقت تجاوز كثيراً الأنظمة المتعلقة بالمطبوعات والنشر والتي وجدت في سنوات سابقة وتعاملت مع معطيات وظروف لم تعد موجودة اليوم، ولذلك فلا أجد مبرراً لأي مخاوف من هذا النظام بل على العكس هناك مردودات إيجابية على المجتمع وعلى المستثمرين وعلى الناشطين في مجال الإعلام الإلكتروني.

هل تتوقع أن ترخيص المواقع الإعلامية السعودية على الإنترنت سيمنحها قيمة مضافة في المنافسة مع المواقع التي لم تحصل على ترخيص أو تصدر من خارج المملكة؟
نعم أنا مؤمن بذلك تمام الإيمان وكما قلت في إجابة السؤال السابق فإن الإجراءات الجديدة ومنها منح التراخيص سيعطي شرعية لهذه المواقع، وسيضمن الاستثمارات المتدفقة فيها، وسيكفل للمنتمين إليها الكثير من الحقوق، في الوقت الذي يحدد لهم واجبات اجتماعية ودينية وسياسية لابد من الأخذ بها كأساس من المسئولية الأخلاقية والمسئولية الفكرية لكل من يريد أن يكون جزءاً في المنظومة الإعلامية في بلد مثل المملكة العربية السعودية.

هل وضعتم بعين الاعتبار في الدراسة الفوارق بين ما يمكن تطبيقة من أنظمة وقوانين على المحتوى الصحفي الإلكتروني الذي تتحمل مسؤوليته هيئة التحرير، وبين الإعلام التفاعلي كالمنتديات والشبكات الإجتماعية وغيرها؟
النظام يتعامل مع المحتوى الإلكتروني تعاملاً واحداً، فالمحتوى هو مسئولية الموقع الذي ينشر أو يبث ما يكتب له، أو يقال فيه، سواء كان ذلك من قبل هيئة التحرير أو من قبل المشاركين الآخرين من خارج هيئة التحرير.

هل توصلتم إلى آلية تكفل لأي أنظمة متعلقة بالإعلام الإلكتروني النجاح والتطبيق دون أن يتطلب ذلك التزام الدول الأخرى بنفس النظام أو حتى التعاون لتطبيقه في حال وجود موقع مخالف مستضاف على خوادمها ويصدر من أراضيها؟
النظام يُعنى بالدرجة الأولى بما يقع تحت الولاية السعودية، أما ما هو خارج عن الولاية السعودية فهناك أجهزة أمنية أخرى يمكن أن تتعامل معه بالطريقة المناسبة.


معجم أسبار للنساء السعوديات واجه ضعف استجابة النساء

أصدرتم معجم أسبار للنساء السعوديات، ولكن ألا تعتقد أننا اليوم أصبحنا بحاجة إلى معاجم ربما بعنوان "أول من ....؟"وسط فوضى في توزيع ألقاب "الأولوية"على إنجازات مختلفة دون وجود مرجع للباحث ولوسائل الإعلام بوسعه فض الاشتباك وتوثيق الإنجازات بالتواريخ والأسماء الصحيحة؟
"معجم أسبار للنساء السعوديات"صدر قبل عشرة أعوام في وقت لم يكن الفضاء المفتوح أمام المرأة السعودية بالمستوى الذي هو عليه اليوم، وبالتالي كان الهدف من المعجم أن يقدم للناس فكرة موجودة في مجتمعات أخرى وهي فكرة (who is who) بغض النظر عن تحديد أولويات معينة، أو تأكيد أهميات محددة، لشخصيات نسائية، وكنا نريد أن نستمر في هذا العمل، ولكن معوقات كثيرة اعترضتنا ومن أبرزها وأهمها ضعف الاستجابة لفكرة هذا المعجم مع الأسف الشديد حتى من النساء أنفسهن، اليوم الفضاء الأكثر انفتاحاً أمام المرأة السعودية يحتاج إلى أعمال أخرى، بشروط أو بمعايير أخرى، ربما تختلف في قليل أو في كثير عن المعايير التي اعتمدها فريق العمل الذي اشتغل على معجم للنساء السعوديات في وقت سابق.

تتطلب أغلب مشاريعكم في مركز أسبار دراسات مسحية، فما مدى تعاون أفراد المجتمع معكم للإجابة على الاستطلاعات وتعبئة الاستبانات؟ وهل أصبح لدى المواطن العادي الوعي الكافي بضرورة تحري الدقة عند الإجابة التي ستترتب عليها الاستنتاجات؟
عندما نقوم بإنجاز بحوث استطلاعية في المجتمع السعودي يعمد الفريق المكلف بالمهمة إلى تطبيق المعايير العلمية الصارمة لكي لا يبني نتائجة على معطيات مضللة، ولذلك فنحن نقوم بتحديد حجم العينة وبتوزيعها ضمن الأطر الجغرافية والديموجرافية وبناء على المتغيرات المطلوبة وفقاً لمعايير منهجية معروفة، وهي بالتالي تختلف من بحث إلى بحث وفقاً للأهداف المرسومة، وطبقاً للنتائج المراد التوصل إليها، وبالتالي فإن توزيع العينة وتدريب الباحثين الذين سيقومون بالمهمة تدريباً مكثفاً يجعلهم يتحاشون الكثير من السلبيات التي قد تفضي إلى إحداث خلل ما أو خطأ ما في المنهج المطبق، وبعد أن يتم تدريب هؤلاء التدريب اللازم في التعامل مع المبحوثين، وأعتقد أن المجتمع السعودي لا يختلف عن أي مجتمع آخر من حيث مراعاة الحد الأعلى من المصداقية، ولاسيما إذا تأكد المبحوث أنه لا يتحمل أي مسئولية من أي نوع فيما سيقوله من إجابات، فاسمه غير معروف كما أن إجاباته توظف لأغراض علمية صرفة، فضلاً عن أن الهدف الأسمى لكل هذه الأعمال هو خدمة هذا المجتمع والمساهمة في الوصول إلى نتائج تضاف إلى ما يمكن أن يحقق له مزيداً من الثبات في طريقه التنموي الشاق، وهذا لا يعني أن الاستبانات بعد جمعها أيضاَ لا تمر بعملية فحص دقيق لما يمكن أن يوحي بالتهاون أو التساهل في الإجابة على بعض الأسئلة، وهناك طرق كثيرة للكشف عن مثل هذه الأمور، وهذا كله يتم، ونحن نعتقد أن كثيراً من المخاوف التي يعتقد بها البعض هي ليست موجودة على أرض الواقع وقد أكدت لنا تطابق الإجابات على بعض الأسئلة أو بعض المتغيرات في أبحاث مختلفة، لأغراض مختلفة، في أوقات مختلفة، أثبتت أن بعض الحقائق غير قابلة للجدل، وأضرب مثالاً على ذلك بكثير من الأمور المعروفة والأساسية والتي نعرف أنها تكون صفة من صفات المجتمع السعودي، ومن ذلك على سبيل المثال "تدين"السعوديين والتزامهم ببعض الممارسات التي يعتقدون أنها جزء من عاداتهم وتقاليدهم، والتي تفاجئنا في كثير من الأحيان بإجابات الناس عليها فهي تأتي مخالفة لتوقعات النخبة التي تتداول في قاعات الدرس أو في صالونات المثقفين.

بعد مشوارك الطويل في مجال الإعلام كصحفي ورئيس تحرير، ما هو المشروع/المشاريع الإعلامية التي تنظر لها اليوم بعين الإعجاب؟ ولماذا؟
طبيعى أن يكون هناك اختلاف حول كثير من المشروعات الإبداعية سواء في مجال الإعلام أو في غيره، ولكن هذا لا يمنع من القول بأن هناك مشروعات إعلامية سعودية على قدر كبير من الاحترافية وعلى قدر كبير من التأثير اليوم، وأستطيع أن أسمي مجموعة إم بي سي التي يقوم عليها الشيخ وليد البراهيم بكل مهنية، وبكل إبداع، وهي اليوم تعتبر منارة من منارات الإعلام العربي الذي يقدم إعلاماً جاداً ومسئولاً، وأؤمن أن الإعلام السعودي اليوم يقدم نماذج جديرة بالاهتمام وتستحق أن نحييها.

البروفيسور كمال صنهاجي مكتشف دواء الإيدز في حوار صريح لـ"عربيات "

$
0
0
هجرة الأدمغة لها نتائج مأساوية وخطيرة

البروفيسور كمال صنهاجي مكتشف دواء الإيدز في حوار صريح لـ" عربيات "

رشيد فيلالي - الجزائر

يعتبر البروفيسور الجزائري كمال صنهاجي أحد أبرز الباحثين العالميين حول داء الإيدز، يُشرِف في الوقت الحالي على ثاني أكبر مستشفى جامعي بفرنسا في مدينة ليون، التي درس فيها منذ كان في المرحلة الثانوية، فهو من مواليد 1954 بالجزائر العاصمة، عمل أستاذاً جامعيا منذ العام 2000 ودخل معترك السياسة عنوة من عام 2002 إلى غاية 2007 ليخرج منه بتجربة مريرة وفقاً لتصنيفه، حصل على عدة جوائز وتكريم من أعلى المستويات.
للبروفيسور صنهاجي أكثر من 100 بحث علمي منشور في أكبر وأشهر الدوريات العالمية، وفي الوقت الراهن يستحيل أن يعقد ملتقى في العالم حول داء الإيدز ولا يستدعى إليه، هذا الرجل المتواضع دائم الابتسام الذي زار بلده الجزائر مؤخراً بدعوة من جمعية ثقافية علمية بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري ليقدم محاضرة هامة للغاية حول داء الإيدز بعد مرور 29 سنة على اكتشافه وهناك التقته عربياتفكان هذا الحوار .


البروفيسور كمال صنهاجي اكتشفت علاجا للإيدز وأطلقت عليه مصطلح العلاج الجيني، لقد حصلت على براءة اختراع هذا العلاج في الولايات المتحدة في الوقت الذي لم يُعترف به في الجزائر، ما تعليقك ؟
علينا أن نعترف بأن ثقافة البحث العلمي لا توجد في الجزائر، ولا زلنا مع الأسف متخلفين فيها إلى أوسع مدى، فواقع الحال يكشف ويعري أمامنا حقيقة مرة وهي عدم وجود سياسة واضحة في هذا المجال، علماً بأن البحث العلمي هو المعيار الحقيقي للتقدم الحضاري في الوقت الراهن.
فعلي سبيل المثال مصر -رغم ما يحدث فيها الآن- وإيران لديهما هذه الثقافة المفقودة لدينا والتاريخ يشهد أن لديهما مساهمات ضمن هذا المجال، حيث تعتقد كلاً منهما أن البحث العلمي من أفضل أنواع الاستثمار والذي مع الوقت والتراكم المعرفي سنحصل من خلاله على مردود عظيم و أكيد، أما نحن فقد ضيعنا الكثير بإهمالنا وسوء تقديرنا للأمور.

 

 المنهجية العلمية هي الفاصل في فعالية العقاقير الجديدة 


نسمع بين الفينة والأخرى عن إعلان اكتشاف علاج للإيدز،  ما مدى صحة هذه الاكتشافات ؟
أتصور أن كل هذه المبادرات إذا لم تكن مبنية على بحث مدون بطريقة منهجية وعلمية واضحة وصارمة فلن يعترف بها لدى الدوائر العلمية الجادة، وحتى في فرنسا توجد هناك أدوية بالأعشاب ولكن هذه الأدوية غير معترف بها حتى وإن أثبتت هذه العقاقير فعاليتها وأظهرت نتائج إيجابية، وذلك لكون هذه الأدوية لم يتم تقديمها وفق تركيبة كيمائية خاضعة للتجربة وإعادة التجربة، كما أنها لم تثبت فعاليتها الدائمة وبالكمية المقننة، وهي الخطة العلمية والمنتهجة ضمن كل بحث علمي صحيح ودقيق ومن هنا فإن أي كلام بعدها يصبح لغواً فارغاً إن لم نقل أنه ضرب من الدجل والشعوذة .


بعد 29 سنة من ظهور الوباء هل تؤمن بفرضية أن فيروس الإيدز من صنع أجهزة المخابرات كما يشاع؟
يا أخي لا أكاد أصدق مثل هذه الفرضيات، إذ من يكون له نية في التفكير بهذا المشروع المرعب؟، الرجل العلمي يستحيل كمؤمن بالقيم الإنسانية العليا أن يفكر بهذه الطريقة الشيطانية.

العالم العربي يصرف على المنشآت ويتجاهل الإنسان

هل أعطى مؤتمر تورينتو بكندا -الذي تم تنظيمه حول داء الإيدز عام 2006 وسجل أكبر حضور علمي بلغ 30 ألف باحث - نتائج علمية ملموسة وإيجابية ؟
نعم، ويعود الفضل في ذلك إلى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الذي منع الاستغلال المادي لاكتشاف الخريطة الجينية البشرية لأنها ملك للإنسانية جمعاء، وكذلك بيل غيتس صاحب شركة ميكروسوفت الشهيرة الذي قدم هبة ب 500 مليون دولار لتطوير الأبحاث حول أدوية الإيدز، علماً بأن دولة عظمى مثل فرنسا لم تساهم في هذا الصدد سوى ب 250 مليون دولار مع أن الإيدز فتك بالكثير من مواطنيها!
لقد كانت النتائج مفرحة لهذا المؤتمر الضخم، إذ كان لمثل هذه المساهمات وغيرها الفضل في إيجاد علاج بتكاليف مقبولة يمكن أن تعالج المصابين في الدول الإفريقية الفقيرة والتي ليس في وسعها اقتناء الأدوية الباهظة الثمن (على غرار العلاج الرباعي الذي يكلف ما بين 10 إلى 15 ألف دولار سنويا) وهناك أيضا العلاج الجيني Gene Therapy الذي اكتشفته ويمكن استغلاله بعد سنتين فقط حيث أعطى نتائج حاسمة ومشجعة على الفئران وهذا العلاج غير مكلف وليس له أعراض ثانوية خطيرة.


في تصوركم لماذا يحقق العقل العربي في الخارج المعجزات فيما يظل شبه مشلول في بلاده ؟
هي قضية احترام للعلم والعلماء، إضافة إلى الإمكانيات المتاحة، كما يوجد هناك عامل آخر يتمثل في حسن التنظيم والتسيير واختيار الأولويات، حيث لازلنا في الجزائر وسائر البلدان العربية نصرف الملايين على الهياكل والمنشآت الضخمة لكننا نهمل تربية الإنسان الذي هو الرأسمال الحقيقي والدائم الذي ينطلق من التكوين البيداغوجي الصلب منذ الصغر، إن تجربة اليابان أكبر مثال على ذلك وحتى إسبانيا والتي كنا في الجزائر على خط مواز معها في السبعينيات من القرن العشرين تمكنت -بالرغم من أنها بلد زراعي- في ظرف وجيز أن تصبح من الدول الغربية المتقدمة، لقد كنا بلداً نامياً حقيقة وكان المشارقة وجيراننا المغاربة وحتى الدول الإسلامية على غرار إيران ينظرون إلينا بإعجاب واليوم تجاوزونا جميعاً ونحن نحاول اللحاق بالركب بعد أن ضيعنا الكثير من العقول والجهد والمال والمعنويات.


سؤال أخير بروفيسور كمال هل أنت متفائل بمستقبل الإنسانية ؟
بالرغم من كل شيء إلا أنني متفائل، لأن قوى الخير دائماً هي التي تنتصر في نهاية المطاف على قوى الشر، والدليل التوازن البيئي الذي يحيط بنا لم يكن ليستمر كل هذه السنين لولا ذلك.


 

نعوم تشومسكي:أمريكا تقف ضد التحولات في المنطقة وعندما تفشل تسعى إلى ترميم الأنظمة

$
0
0
معتبراً انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة خطوة إيجابية لن تسمح بها الولايات المتحدة

نعوم تشومسكي:أمريكا تقف ضد التحولات في المنطقة وعندما تفشل تسعى إلى ترميم الأنظمة

رشيد فيلالي - الجزائر

تنفرد عربيات بحوار حصري  مع العلامة اللغوي والفيلسوف الأمريكي الشهيرنعوم تشومسكي "Noam Chomsky" تم اغتنام فرصة هذا اللقاء لطرح جملة من الأسئلة التي تمس عدة قضايا جوهرية، فضلاً عن قضايا أخرى لغوية وفكرية وفنية كثيراً ما طرحت دون أن تجد إجابات شافية. فنترككم مع إجابات بلغة "تشومسكي"ذات الأبعاد المتعددة والفكر المتعمق لتحليل الأحداث.


ـ في البداية نود معرفة ما هو الجديد بخصوص رسالتك الأخيرة الموجهة بصوت عال وواضح إلى منظمي حركة "وول ستريت"الاحتجاجية التي اعتبرها البعض مساندة قوية؟
بخصوص منظمي حركة "وول ستريت"فأنا لست بالضرورة معهم، لكن مهما كانت أحكامنا ذاتية إلا أننا نحمل نفس الهموم المشتركة .

الربيع العربي له أهمية تاريخية

وماذا عن الربيع العربي؟
هذا موضوع واسع جداً، و إجابة مقتضبة لا تفيه حقه من التحليل لذلك أنا في خشية من أمري،  وباختصار أعتقد أن الربيع العربي يمثل تطوراً ذا أهمية تاريخية، فهو ضمن هذا المفهوم على الأقل استطاع أن يزلزل أسس بعض الأنظمة الديكتاتورية، و يمكن بذلك أيضاً أن يفتح مجالاً واسعاً للتخلص من التبعية التاريخية للقوى الغربية، فأمريكا الجنوبية قامت بذلك منذ حوالي عشر سنوات، ونتائج التغيير مجسدة الآن، وفي تونس ومصر أيضا لكن بشكل لا يزال محدوداً على اعتبار أن هناك العديد من العوائق التي  ما انفكت  تقف عقبة في طريق التغيير الحاسم، وأعتقد أن هناك مزيداً من القول حول كل حالة على حدة.

أمريكا وإسرائيل لا تشجعان الديموقراطية في البلدان العربية

ثمة سؤال ملح تطرحه أوساط عربية متخوفة مما يحدث، ومضمونه هو أن أمريكا وإسرائيل والغرب عموماً هم الذين يقفون خلف الربيع العربي، فما هي وجهة نظركم حول هذا الطرح؟
لقد سبق وأن كتبت حول هذا الموضوع، فأنا أعلم بأن هناك إشاعات تذهب إلى القول بأن الولايات المتحدة تسعى إلى تشجيع الربيع العربي لكنني أعتقد أن العكس هو الصحيح، إن الولايات المتحدة تخشى مثل هذه التحولات وتوظف كافة الوسائل الممكنة للحيلولة دون تحقيق ذلك وهذا بدعم الأنظمة الموالية لأطول فترة ممكنة، وحين تفشل في هذه المهمة فإنها تحاول ترميم الأنظمة القديمة قدر الإمكان، إنها إجراءات معتادة  تطبق في مثل هذه الظروف بمختلف مناطق العالم و بالتالي فإن آخر شيء تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها هو تطبيق الديموقراطية في الدول العربية.

الكاتبة نعومي وولف تؤكد في كتابها "نهاية أمريكا"أن بلد العم سام مهدد فعلاً بالسقوط على إثر غياب القيم الديموقراطية التي تأسست عليها، فما هو رأيك حول هذا الموضوع؟
لست متأكداً أنني فهمت قصدك، تريد أن تقول أن الولايات المتحدة مهددة بالسقوط جراء غياب القيم الديمقراطية (التي بالتأكيد لم يتم تأسيسها؟).

لقد قالت"وولف"بأن الولايات المتحدة مهددة بالسقوط  لأن الساسة الأمريكيين قد تخلوا عن القيم الديمقراطية  التي تأسست عليها الولايات المتحدة(بلد العدالة والحرية).
استناداً إلى معايير القرن الثامن عشر كانت الولايات المتحدة تعد رائدة في تجسيد القيم الديمقراطية، وليس مقارنة بالمعايير المعاصرة،  فهذا أكيد، لقد أظهرت دورة القيم الديمقراطية على مر العصور تقدماً وتراجعاً، كما أن هناك عدة أبعاد في هذا المجال، وأشير فقط  ضمن هذا السياق إلى أنني لا أعرف جيدا قصدك أنت (أو هي) من وراء مفهوم "سقوط "الولايات المتحدة، إنها مسألة معقدة، وقد كتبت حول هذا الموضوع (وكتب غيري أيضاً) ولا أتصور أن تصريحاً بسيطاً يكفي لتحديد جوهر هذه القضية.

إن المقصود بالسقوط حسب فهمي لكلام السيدة وولف هو إمكانية تراجع مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وترك المجال لحلول قوى أخرى مكانها على غرار الصين مثلاً.
إن الولايات المتحدة قد تراجعت كقوة عظمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث بلغت قوتها وتطلعاتها الذروة، وفي السبعينيات من القرن المنصرم بلغ هذا التراجع حدوداً معتبرة، وما يحدث يعد شيئاً طبيعياً فالعالم صار اليوم أكثر تنوعاً، وعلى صعيد آخر نقول أن الصين بالفعل حققت معدلات تنموية مذهلة، لكن هذا البلد فقير جداً من حيث الموارد وهو في مواجهة مشاكل هائلة، وبالتالي فالصين ليست قوة عظمى محتملة، وإن حدث ذلك فلن يدوم لفترة زمنية طويلة.

انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة خطوة إيجابية لن تسمح بها الولايات المتحدة

هل تعتبر قبول فلسطين مؤخراُ في عضوية الأمم المتحدة خطوة هامة وإيجابية من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وباعتبارك مدافعاً عن القضية الفلسطينية ما هي توقعاتك الإستراتيجية لمستقبل هذا البلد في ظل استمرار المحتل الإسرائيلي في تعنته السافر من خلال مواصلته بناء مزيد من المستوطنات؟
ستكون خطوة إيجابية طبعاً غير أن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك، ومن جهة أخرى فإن استمرار بناء المستوطنات غير الشرعية على الأراضي المحتلة سيقوض أي أمل للتوصل إلى حل سلمي ودبلوماسي للنزاع القائم.

لقد كتبت بالكثير من الهمة و الشجاعة عن مسؤولية المثقفين، كيف تفسر الخطاب المزدوج لعدد من المثقفين الغربيين إذ على سبيل المثال عادة ما تلاحظ هؤلاء المثقفين يتحدثون بلغة معتدلة وحكيمة حين يتعلق الأمر بالمشاكل الداخلية لبلدانهم، بيد أنهم فجأة يتحولون إلى العدوانية وحتى العتصرية عندما يتحدثون عن مشاكل دول أخرى سيما منها البلدان النامية؟
في الحقيقة  نحن نجد عبر كافة أطوار ومراحل التاريخ أن قطاعات المثقفين تميل في العادة إلى أن تكون سنداً مناصراً للحكام، أما القطاعات الأخرى التي تكون في العموم  بسيطة وعادية فهي التي تبادر إلى إدانة الجرائم التي يقترفها الأقوياء وأصحاب النفوذ ولذلك فإنها تهمش في أحسن الأحوال أو حتى تخضع لعقاب شديد أحياناً، وجواباً على الشق الثاني من سؤالك أقول بالفعل إن مهمة إدانة جرائم الآخرين سهلة جداً، وهذا ربما في الحالة المذكورة قد يكون أمراً محبطاً لكنه غير مستغرب على الإطلاق.

السينما الأمريكية لازالت تصور العرب كإرهابيين، ألا ترى بأن هذا النوع من الدعاية العنصرية يزرع  الحقد والضغينة بين الشعوب؟
هذا صحيح وقد استمرت على هذا النهج لسنوات طويلة، وأعتقد أن  السيد جاك شاهين كتب عن هذا الأمر بتوسع.

اللغة العربية قادرة على مواكبة التقدم العلمي والحرف العربي ليس عائقاً

يتميز التراث العربي بثراء كبير في مجال الدراسات اللغوية هل استفدتم من هذا التراث؟، و ثمة سؤال آخر أجده ضرورياً ضمن هذا السياق، وهو بشأن الست آلاف لغة المنتشرة حالياً في العالم والتي تمثل تهديداً جدياً جراء الانتشار غير المعهود للغة الإنجليزية - برأيكم - كيف لنا أن نحافظ على هذا التراث الإنساني؟
لقد درست القواعد العربية الكلاسيكية (سيبويه وآخرين) منذ ستين سنة، وحتى قبل ذلك عندما درست قواعد اللغة العبرية الوسطى والتي اقتبست من القواعد العربية، و أجد أنه من الصعب تتبع هذه التأثيرات الخاصة بالتراث العربي.
من جهة أخرى، فإن الذي يريد أن يحافظ على التراث اللغوي الإنساني فليفعل ذلك، هناك لغات تم إحياؤها على غرار لغة الباسك، وهناك حالة مذهلة للغاية مثل حالة لغة قبيلة الوامبانووغ "Wampanoag"التي لم يعد أحد يتحدث بها منذ مائة سنة، لكن تم إحياؤها من جديد على يد مجموعة من الباحثين بمعهد "ماساتشوستس"للتكنولوجيا وذلك بالتعاون مع أحد أفراد هذه القبيلة تدعى جاني ليتل دوي Jennie Little" Doe"وهي من المتحدثين الأصليين  لهذه اللغة إضافة إلى أفراد آخرين من ذات القبيلة، وهناك شريط وثائقي مهم أعد خصيصاً في هذا المجال من طرف الباحثة آن ماكابيس "Anne Makepeace".

هل صحيح أن اللغة العربية غير قادرة على مواكبة التقدم العلمي ؟
لا، بل هي قادرة هي الأخرى على مواكبة التقدم العلمي شأنها في ذلك شأن غيرها من اللغات .

هناك لغويون عرب يطالبون منذ مطلع القرن العشرين بتغيير الحروف العربية على غرار ما فعل  الأتراك الذين  اختاروا بدل الحرف العربي الحرف اللاتيني لأن ذلك حسب اعتقادهم سيحقق لهم التقدم المنشود، لكن حسب دراستي للغة اليابانية فإن اليابانيين للآن يستعملون أربع أبجديات مختلفة في الكتابة (الهيراغانا، الكاتاكانا، الكانجي والرومانجي) وضمن نص واحد وهي  كما تعلم أبجديات صعبة للغاية ورغم ذلك فإن الشعب الياباني متقدم جداً على شتى المستويات، ما تعليقك سيدي ؟
اليابانيون يعيشون في توافق تام مع أبجديتهم وكذلك الصينيون، إن الأبجدية العربية ليست عائقاً أمام تقدم العالم العربي، وبالنسبة للتهجئة التقليدية في اللغات السامية فإن حذف حروف العلة فعال جداً، لكن في العموم توجد هناك حول هذه القضية حجج مؤيدة ومعارضة .

هناك أيضاً من يطالب بإحلال اللهجة العامية في مجال التدريس كبديل عن اللغة العربية الفصحى، علماً بأن اللهجات العربية فقيرة جداً من حيث المصطلحات فما هو رأيكم سيدي بخصوص هذا الطلب؟
لقد سبق لي وأن سمعت بمثل هذه المطالب لكنني أشك في جديتها وهي بالنسبة لي غير واضحة وبالتالي فإنني لا أرى ما هو غير واضح.

ثمة ظاهرة عالمية أضحت منتشرة بقوة في الوقت الراهن وهي تتعلق بتراجع معرفة الشباب للغتهم الأم، حيث صاروا يلجؤون إلى استعمال لغة تخاطب مختزلة ومشوهة في مواقع التواصل الاجتماعي وكذا في اتصالاتهم الهاتفية (الرسائل الالكترونية مثلاً ) ألا يعد ذلك تهديداً محتملاً لمستقبل اللغات؟
أنا على دراية بأن مثل هذه التصرفات من الشباب محل احتجاج  ومعارضة الكثير، غير أنني إلى غاية الآن لم أصادف أي دليل يؤكد صحة مثل هذه المخاطر والتهديدات المحتملة.

سيرة غير عادية

البروفيسور أفرام نعوم تشومسكي من مواليد 7 ديسمبر 1928 بفيلاديفيا (بنسلفانيا ، الولايات المتحدة الأمريكية) وهو من أسرة مهاجرة قدم أفرادها من أوكرانيا وروسيا البيضاء ، ليستقروا أولاً في نيويورك قبل أن يشدوا الرحال مجدداً ويختاروا فيلاديلفيا مقراً لإقامتهم.
 
وبعد مسيرة دراسية ناجحة عين تشومسكي أستاذاً للغويات مدى الحياة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (درس به أكثر من 50 سنة)، وله اسهامات عظيمة في البحوث اللغوية صنفته "أب اللسانيات الحديثة"كونه صاحب نظرية النحو التوليدي التي أحدثت ثورة في البحوث اللغوية النظرية في منتصف القرن العشرين، كما أنه مؤسس ما صار يعرف حاليا بتراتبية تشومسكي  في تصنيف اللغات، وهو بالإضافة إلى ذلك مفجر الثورة الإدراكية في علم النفس، إذ كانت بحوثه سبباً في مراجعات جذرية غير مسبوقة منذ الخمسينيات، ناهيك عن التأثير العميق الذي أحدثته بحوثه في مجالات الفلسفة العقلية  واللغوية والرياضيات والتاريخ والإعلام الآلي، ولم يكتف تشومسكي بكل هذه الفتوحات العلمية المدهشة إذا جاز لنا التعبير، حيث خاض بشجاعة غير عادية في ميدان النضال السياسي منتقداً بشدة السياسة الداخلية والخارجية لبلده أمريكا، وله في هذا الخصوص مواقف جليلة في الدفاع عن القضايا الإنسانية (معارضته لحرب الفيتنام ) وكذا العربية والإسلامية وفي طليعتها  القضية المحورية فلسطين ضمن صراعها الأزلي مع المحتل الإسرائيلي، رغم أنه يهودي الديانة !
 
ألف نعوم تشومسكي في مسيرته العلمية الحافلة بالإسهامات المدهشة أكثر من 100 كتاب تم ترجمتها إلى جميع اللغات العالمية ووزعت منه ملايين النسخ، وقد عد الرجل المرجع العلمي رقم واحد ما بين سنوات 1980 و1992، والثامن في التاريخ العالمي،وفي استطلاع للرأي أجرته عام 2005  المجلة البريطانية Prospect، والمجلة الأمريكية  Foreign Policy.

احتل المرتبة الأولى كأعظم مفكر على قيد الحياة !، فضلاً عن ذلك حصل البروفيسور تشومسكي على أكثر من 30 دكتوراه فخرية وأعلى الشهادات التقديرية والتكريمية من هيئات وجامعات عالمية معروفة، إضافة إلى جوائز من الدرجة الأولى على غرار جائزة كيوتو التي نالها عام 1988 وهي تعادل من حيث قيمتها الرمزية والمادية جائزة نوبل.

كما نال جائزة أورويل الأمريكية مرتين  وميداليات سامية مثل ميدالية  بنجامان فرانكلين و هيلمهولتس،  وحالياً هو عضو في أشهر الأكاديميات العلمية في العالم  وسنكتفي بما ذكرناه من سيرة هذا العلامة  التي لا تحيطها مثل هذه المساحة الصغيرة  مع العلم أن كتباً عديدة تناولت سيرته بإسهاب وتفصيل وقد صدرت في مختلف أنحاء العالم .
Viewing all 32 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>